+ -

 أعرف أنه من الصعب الحديث عن الأمازيغية ويناير بصوت مسموع هذه الأيام... ومع ذلك لابد من إثارة بعض الأسئلة لعلها ترشدنا إلى فهم ما يحدث في البلاد هذه الأيام:1 - هل كان من الضروري للسلطة التي ترتب للرئاسيات أن تقوم بهذه الحركة التي حولت يناير إلى مشروع سياسي عوض بقائه كعيد شعبي وثقافي وفلاحي؟!وهل البلاد في حاجة إلى الاحتفاء بثلاثة رؤوس السنة. واحدة مسيحية والثانية إسلامية والثالثة أمازيغية؟! ومن يقول لنا بأن طائفة اليهود الجزائريين (على قلتهم) لا يطالبون هم أيضا برأس سنة يهودية؟! نسجا على منوال غيرهم من الديانات الأخرى؟!2 - هل حقيقة ستختفي عملية المتاجرة السياسية بالأمازيغية بعد ترسيمها كلغة وطنية ورسمية وفرض تعليمها على كل الجزائريين.. كما فرض على كل الجزائريين الاحتفاء السياسي برأس السنة الأمازيغية هذا العام، في حركة سياسية أبانت عن استغلال السلطة لهذه القضية أكثر حتى من الذين تتهمهم بأنهم يستغلون سياسيا هذا المكون الخاص بأحد عناصر الهوية الوطنية؟! كل الناس يعرفون أن “شانطاج” السلطة مع دعاة الأمازيغية لن ينتهي بترسيم يناير! وسيظهر مكون آخر ما يلبث أن يتحول إلى مطلب “شانطاجي” سياسي آخر... فالبعض الآن يتحدث عن تغيير العلم الوطني بالعلم الأمازيغي... وقد نجد أنفسنا في القريب العاجل أمام من يدعو إلى تغيير اسم الجمهورية الجزائرية! ألم يحدث هذا في فولتا العليا التي تحولت إلى بوركينافاسو؟! لماذا لا يحدث هذا عندنا... فالجمهورية تسمى باسم الشعب وليس باسم عاصمة؟! هذا طرح قد يكون غريبا ولكنه وارد مثله مثل الذي قبله من المطالب!3 - الغريب في الأمر أننا البلد الوحيد في العالم الذي سنته بثلاثة رؤوس سنة! والأغرب في هذا الأمر أن رؤوس السنة استوردناها جميعها من الشرق الأوسط.. فالسنة الميلادية تتعلق بميلاد المسيح في فلسطين.. وسنة الهجرة تتعلق بالهجرة التي حصلت في السعودية! والسنة الأمازيغية تتعلق بانتصار ششناق على فرعون وتحوله إلى فرعون هناك، وهي أيضا من الشرق الأوسط! ولا أتحدث عن عاشوراء التي لها علاقة بإغراق موسى لفرعون وهو أمر يهودي؟!4 - هل من الصدفة أيضا أن الوطنية الجزائرية الحديثة ولدت في باريس على يد المرحوم مصالي الحاج، وأن هذه الوطنية بنيت على أننا لسنا فرنسيين ولا نريد التجنيس... ومن رام ذلك رجمناه كإبليس، ولكن مصالي تخلى عن فكرة الوطنية الجزائرية المرتبطة باللاتينية باعتبارنا دولة متوسطية أثر في تكوينها كأمة العنصر المتوسطي (الفينيقيون والرومان... وليغولوا) فانعطف مصالي بالقضية الوطنية نحو العروبة والإسلام استجابة لنصيحة شكيب أرسلان، وهو الموقف الذي تبناه بن بلة سنة 1962، عندما صاح في تونس “نحن عرب نحن عرب”! واللافت للانتباه أيضا أن بن بلة من تلمسان، مثلما هو بوتفليقة من تلمسان. الإجراءات التي اتخذها بوتفليقة في ترسيم الأمازيغية قال في ما معناه بخصوصها، نحن لسنا عربا، بطريقة لا تختلف عما قاله مصالي للفرنسيين من أننا لسنا فرنسيين.. واللافت في الأمر أن فكرة نحن لسنا عربا ولدت أيضا في باريس وهي وطنية أمازيغية ألغت وطنية مصالي وبن بلة... واحتاجت البلاد إلى نصف قرن من تكوين الأكاديمية في باريس، كي تفهم الجزائر أن ذلك يتعلق بميلاد وطنية جديدة تلغي وطنية الحركة الوطنية المصالية، والذي يفهم ما أنجزته الأكاديمية البربرية في باريس بعد ربع قرن هو بوتفليقة، ابن تلمسان أيضا...

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات