+ -

إذا صدقنا ما يقوله أويحيى بأنه لا يعرف السبب الذي من أجله الحراڤة يرمون أنفسهم في البحر للوصول إلى أوروبا! ويعرف بالتدقيق بأنهم حين يصلون إلى هناك يشتغلون فقط في جني الطماطم!إذا صدقنا هذا الكلام.. فإننا لابد أن نقول للوزير الأول: كيف عرفت أن هؤلاء الحراڤة يشتغلون في جني الطماطم في أوروبا حتى ولو كانت معهم شهادات عليا، ولم تعرف بأن من يشتغل في جني الطماطم من الحراڤة في أوروبا وهو دكتور متخصص في الطب، يجني من عمله في جني الطماطم هناك ثلاثة أضعاف ما تقدمه له حكومة الجزائر وهو يتعذب في الخدمة المدنية بعد عذابه في الخدمة العسكرية! أقل أجر لعامل في جني الطماطم في إسبانيا لا يقل عن 50 أورو في اليوم، أي 1500 أورو في الشهر.. في حين يأخذ الطبيب المتخصص في الخدمة المدنية حين ينفى إلى أدغال الجزائر 500 أورو في الشهر في أحسن الأحوال. وإذا كان رئيس حكومة الجزائر لا يعرف هذه الحقيقة، فكيف يعرف متطلبات الموقف الجيوستراتيجي المحيط بالبلاد في مسائل الأمن والاقتصاد والسياسة؟! ومع ذلك وبالرغم من كل ذلك، فأنا مع أويحيى.. ما كان على هؤلاء الشباب أن يغادروا بلدهم.. كان عليهم أن ينتظموا وينظموا أنفسهم في حركات سياسية واجتماعية ويشكلوا قوة سياسية حقيقية تبعد هؤلاء الذين يحكموننا وهم لا يعرفون بأن جني الطماطم في أوروبا أفضل من ممارسة مهنة الطب في الجزائر! بلدنا أصبح يصدّر الشباب.. القوة والعامل الأساسي في أي تنمية اقتصادية، ويستورد البصل والثوم من إسبانيا والصين!ويجب أن نعترف بأن الحكومات المتعاقبة نجحت في تشييد ما لا يقل عن 60 سجنا كبيرا في البلاد، وهو عدد أكبر من عدد كل الجامعات والمعاهد المشيدة في البلاد.. ولكن هذه السجون لا تستغل كما يجب، لأن روادها عادة من سجناء القانون العام أو من مدمني وتجار المخدرات... ولا يوجد في هذه السجون رواد الحرية وتعاطي السياسة بالعدد الكافي الذي يحوّل هذه المؤسسات إلى قلاع للحرية، كما كانت الحال عشية سنة 1954، فمازلنا نطلب من نظام يزوّر الانتخابات ويصادر حق الشعب في تعيين حكامه، مازلنا نطلب منه رخصة للتظاهر ضده، ونطالبه بالرحيل برخصة يسلمها لنا هو نفسه! ومازلنا نعتقد بأن النظام الذي يزوّر الانتخابات يمكن أن يطبق الدستور الذي حرره بالتحايل والتضليل وخارج الشرعية وبالترابندو التشريعي، ويطبقه أيضا بالتحايل حتى في الانتخابات الرئاسية!البلد تستقيم أموره عندما يرمي الشباب نفسه في السجون بسبب السياسة وليس بسبب المخدرات أو الحرڤة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات