+ -

بات واضحا أن أحداث الجبهة الاجتماعية تتسارع، وتتجه نحو البحث عن رابط سياسي أعظم بين هذه الاحتجاجات لتتحول إلى حركة سياسية عارمة ذات طابع وطني..الغريب في الأمر أن السلطة (الحكومة) بتصرفاتها في مواجهة الاحتجاجات الاجتماعية هي التي تدفع هذه الاحتجاجات إلى التجذر، والتحول من احتجاجات مطلبية إلى احتجاجات سياسية، فاستعمال “القزّول” في مواجهة المحتجين، ثم استعمال العدالة لزيادة ظلم المحتجين... وبعد ذلك استخدام التعسف في استخدام سلطة الإدارة عن طريق فصل وتجميد أجور الأطباء والأساتذة... كل ذلك يجعل الحركات الاحتجاجية تتجه نحو رأس المسألة وهي السياسة.في تونس الشقيقة، الحركات العمالية هي التي أطاحت بالحكومة الانتقالية التي حكمت تونس بعد الثورة. والأمر نفسه يجري الآن في الجزائر.. فهل من الصدفة أن حجم التململ في الشارع تجاوز كل توقعات السلطة، وأن نقابة السلطة التي كانت أداة مطافئ هي نفسها أصبحت هدفا لنيران العمال من داخل نقابة سيدي السعيد نفسها.والأغرب من هذا كله، أن المؤسسات الدستورية للبلاد شبه غائبة، فلا وجود لتدخل الرئاسة رغم خطورة ما يحدث... والحكومة تتدخل من خلال الوزراء بطرق عشوائية تؤدي غالبا إلى زيادة التأجيج للشارع أكثر مما تؤدي إلى إطفاء الحرائق... هل يعقل أن تقوم الحكومة بتجميد أجور الأطباء وتطرد 19 ألف أستاذ وتأمل الحل للمسألة؟!الحكومة وأجهزة الأمن والجيش والرئاسة وأحزاب الحكم تعاملوا مع الاحتجاجات الاجتماعية الجدية التي تشل البلاد، كما لو كانت “لعب عيال”.. والغريب أن هذه الجهات قدمت نفسها كما لو كانت الخصم لمطالب هؤلاء!والأغرب من هذا كله، أن بعض وسائل الإعلام عمدت إلى شيطنة هذه الاحتجاجات.. فإذا كان الأساتذة شياطين والأطباء شياطين... فهل فعلا بعض رجال الإعلام المرتشين هم ملائكة.التاريخ القريب علمنا كيف شيطن أشباه الإعلاميين لبن علي في تونس، والإعلام المخدوع لمبارك في مصر، حركات الاحتجاج التي حدثت في هذين البلدين، ما حوّل هذه الحركات الاحتجاجية إلى ثورات عارمة، لأن الشعب احتضنها نكاية في الإعلام المشبوه وفي السلطة المتعسفة.. نعم كل الدلائل تشير إلى أن الشارع تحرك في الجزائر وأن خط الرجعة قد قطع... وأن احتواء ما قد يحدث لا يمكن أن يكون بالمواجهة، بل بإجراءات استباقية ذات طابع سياسي وليس اجتماعيا فقط[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات