+ -

 يجب أن نعترف بأن ما يطرحه “الماك” في بلاد القبائل يلتف حوله الكثير من سكان المنطقة، ويجب أن نسلّم أيضا بأن مسألة الهوية الأمازيغية ليست هي المشروع السياسي لكل الحركات التي شهدتها المنطقة، بدءا من أزمة (1948) إلى أزمة 1962 وميلاد الأفافاس والأرسيدي والعروش، وكل الحركات التي شهدتها منطقة القبائل، والتي كانت فيها مسألة الأمازيغية هي العصا السحرية في تجنيد الشباب حول المسألة التي يرفعها “الماك” اليوم، والتي باتت عارية بعد استجابة السلطة للمطالب الأمازيغية المتصلة بالهوية.كل الناس تعرف أن سبب الخلاف الذي نشب في جوان 1962 بطرابلس بين مجموعة بن بلة وبومدين (مجموعة وجدة) وبين مجموعة كريم بلقاسم وبن خدة (مجموعة تيزي وزو) كان فيه ظلم لمجموعة تيزي وزو من طرف مجموعة وجدة، فالمرحوم كريم بلقاسم كان ثالث ثلاثة من مجموعة الستة التاريخيين الذين فجروا الثورة إلى جانب بوضياف وبيطاط... وهو الرجل القوي في الحكومة المؤقتة الذي قاد الثورة في أحلك مراحلها وقاد مفاوضات الاستقلال. وبهذه الصفة، فهو أحق من غيره في قيادة مرحلة الاستقلال، وإبعاده من طرف بن بلة وجيش الحدود ومجموعة وجدة، فُهم على أنه إبعاد لمنطقة وليس إبعادا لشخص كريم! ونفس الشعور أحس به المرحوم آيت أحمد.هل من الصدفة أن المنطقة التي أنجبت قادة مؤتمر الصومام وقادة مفاوضات الاستقلال لا يسمح لواحد منها بأن يقود الجزائر المستقلة، دون أن يحس هؤلاء ومعهم المنطقة بالظلم الجهوي غير المعلن.هل من الصدفة أن منطقة القبائل التي احتضنت “الصومام” وقاد قائدها مفاوضات الاستقلال، لا يمكن وصول أحد عناصرها إلى المنصب الأول في الجزائر المستقلة، ويحدث ذلك دون أن تحس المنطقة بالغبن السياسي؟!نعم.. نقولها مع أحرار منطقة القبائل، مسألة الأمازيغية لن تجد حلها بالتلاعب السياسي الممارس مع المنطقة بمقايضة الهوية الأمازيغية بسحب حقهم السياسي في الوصول إلى الرئاسة، مقابل الاعتراف لهم برسمية ووطنية اللغة الأمازيغية؟! صحيح أن الأحزاب السياسية في المنطقة تقوقعت جهويا، ولكن السلطة هي أيضا لم تسمح لهذه الأحزاب بأن تصبح أحزابا وطنية.المسألة القبائلية ستذوب في المجموعة الوطنية حين يحس سكان هذه المنطقة بأن البلاد بها نظام سياسي يمنح أي مواطن من هذه المنطقة الحق في الوصول إلى الرئاسة، فعندما تمنع الناس من حقهم السياسي في حكم البلاد مثل بقية مناطق الوطن الأخرى، فإنهم يبحثون عن البديل لهذا المنع.. “والماك” أتت شعبيته من هذه القضية! ولهذا فإن دمقرطة الحياة السياسية أصبحت هي الضمانة الأساسية للوحدة الوطنية!لسنا ندري لماذا كنا في وقت الثورة نسمح لابن المنطقة بأن يتفاوض مع فرنسا على الاستقلال باسم الجزائر... واليوم لا نسمح لواحد من المنطقة أن يرأس الجزائر؟! يجب أن نكسر هذا الطابو إذا أردنا تعزيز الوحدة الوطنية.. اللعب بالهوية لا يحل المشكلة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات