جان لوك غودار يفتح جراح العالم العربي بمهرجان "كان"

+ -

لمدة أربعة أيام، وإلى غاية عرض فيلم "كتاب الصور" للمخرج الفرنسي جان لوك غودار، ظل السؤال المطروح بقوة في شارع لاكروزات هل سيحضر غودار إلى "كان"؟ هل ستكون المفاجأة ويغيّر مجرى الروتين الذي يخيّم على "كان" هذه السنة؟ ورغم أن أفيش المهرجان اختارت مشهدا من أحد أبرز أفلامه، إلا أنه تجاهل كل دعوات مهرجان "كان" على مدار 55 عاما، ولا يوجد أي مؤشر لكي يعود غودار إلى البساط الأحمر يوما ما، فالمخرج البالغ من العمر 87 سنة، ظلت أفلامه حاضرة وتفتك الجوائز، منها آخر جائزة لجنة التحكيم قبل ثلاث سنوات عن فيلم "لغة الوداع"، إلا أن المخرج اليساري لم يتزعزع ولم يستجب للدعوات التي تسيل اللعاب، وقرر أن ينشّط ندوة صحفية، أمس، عن طريق السكايب.

علاقة غودار مع دعوات "كان" هي الأغرب عبر تاريخ المهرجان الأشهر في العالم. وقد جاءت الدورة 71 لتؤكد أن غودار، هو النجم رقم واحد رغم غيابه عن البساط الأحمر، فهو يثير الجدل ويشدّ الأنظار إلى أعماله، فقد فتحت إدارة المهرجان أبواب قاعة سينما "مسرح لوميار"، وسط شغف كبير لدى الصحافة والحضور، وترقّب لما سيقدمه غودار من رسائل عبر فيلمه الجديد "كتاب الصور" لمدة ساعة و25 دقيقة.لم يحد المخرج اليساري ويتزعزع عن مواقفه، وقرر أن ينشّط ندوة صحفية، أمس، عن طريق السكايب، لتكون أقوى ندوة صحفية في تاريخ "كان" هذه السنة. ويعتبر فيلم "كتاب الصور" للمخرج الفرنسي غودار، واحدا من أكثر الأفلام غرابة، فقد دخل المنافسة على "السعفة الذهبية" ليعطي درسا للغرب وكل قادة الحروب. ومن جهة ثانية، يواصل الكشف عن عناد المخرج وتمرّده. وقد جاء الفيلم محملا بصور الأرشيف إلى درجة التخمة، ويؤكد أن الصمت الذي ولدت به السينما العالمية هو لغة صادقة وقوية بإمكانها أن تزلزل المشاعر دون كلام.بين الصور والحوار والمونتاج الذي أشرف عليه جون لوك غودار، خرج الفيلم شبيها بالأفلام الوثائقية، عبر موضوع الحرب التي تعيشها الدول العربية. وقرر غودار أن يضع نفسه على جانب المهزومين والخاسرين والعرب وضحايا الحرب في العراق وفلسطين والربيع العربي والمؤامرات على قضية الفلسطينيين، كل المؤامرات الداخلية والخذلان العربي والعولمة التي تصنع التوحش والوهم، كل ذلك اختزله غودار في ديكور بسيط من الأرشيف، محاولا تعرية أطماع الغرب وتحالف بعض الدول العربية مع حلفاء الشر ضد أشقائهم العرب. لقد جاء الفيلم قويا جدا في رسالته ومتعب بالنسبة للمشاهد، حيث مارس المخرج نوعا من عذاب الضمير للإنسان الذي يشاهد كل تلك الصور على اليوتوب وفي القنوات التلفزيونية والأفلام دون أن يحرّك ساكنا.لقد اختار غودار صورا من أفلام يوسف شاهين ومن قناة الجزيرة، صورا شاهدناها كلنا ولكننا لم نتأثر لها، كما أراد غودار الذي استخدم سحر الصمت بين الحين والآخر ليحرك الضمير ويتحدث عن حرب سوريا واستبداد الأنظمة الملكية والثراء الفاحش لدول الخليج العربي وبين حوار السلم والحرب، منح العمل السينمائي ألوان الدم والخراب، ليأخذ مهرجان "كان" وسحر البساط الأحمر إلى زاوية بعيدة جدا من الألم وتأنيب الضمير.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات