+ -

الصّوم مدرسة خُلُقية كبرى يتدرّب فيها المؤمن على خصال كثيرة، فهو جهاد للنّفس ومقاومة للأهواء ونزغات الشّيطان الّتي قد تلوح له، وهو سرّ الاستعاذة بالله وجوهرها، قال جلّ ذِكرُه: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} فُصِّلَت:36. وفي سورة النّحل يخبرنا جلّ ذِكرُه أنّ الشّيطان مهما قوى كيده لا يؤثّر على أهل الله الصّادقين: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} النّحل:98-100.والاستعاذة بالله من الشّيطان الرّجيم تمهيد للجوّ الّذي يُتلى فيه كتاب الله وتطهير له من الوسوسة واتجاه بالمشاعر إلى الله عزّ وجلّ خالصة لا يشغلها شاغل من عالم الرِّجس والشرّ الّذي يمثّله الشّيطان. فالّذين يتوجّهون إلى الله وحده ويخلصون قلوبهم لله، لا يملك الشّيطان أن يسيطر عليهم، مهما وسوس لهم فإنّ صلتهم بالله تعصمهم أن ينساقوا معه وينقادوا إليه. وقد يخطئون، لكنّهم لا يستسلمون، فيطردون الشّيطان عنهم ويتوبون إلى ربّهم من قريب: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتْوُلُونَهُ} أولئك الّذين يجعلونه وليّهم ويستسلمون له بشهواتهم ونزواتهم ومنهم مَن يشرك به.هؤلاء يحبّون الشّيطان ولا يحبّهم، بل يخيفهم ويريهم سبل الهلاك والدّمار ويحثّهم على تخريب بيوت عقيدتهم بأيديهم وإرادتهم مع أنّهم يحبّونه ويبذلون في سبيل إرضائه كلّ غال ونفيس.. قال تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} آل عمران:175.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات