+ -

انتقل إلى رحمة الله المذيع الصحفي المصري الشهير محمد السعيد الملقب ”صوت العرب” عن عمر يناهز 93 سنة، وشُيعت جنازته في القاهرة قبل 3 أيام.الفقيد محمد السعيد هذا هو الذي قرأ بيان أول نوفمبر 1954 في إذاعة ”صوت العرب” بالقاهرة، وهو الذي كان يقرأ أخبار الثورة الجزائرية فيها، قبل أن تولد إذاعة الجزائر الحرة في المغرب أولا وفي تونس لاحقا، وقبل أن يظهر المذيع الجزائري الشهير المجاهد عيسى مسعودي.وأشهد أنني سألت المرحوم بوصوف والمرحوم عيسى مسعودي عن فكرة إنشاء إذاعة الجزائر الحرة من أين جاءت فقالا لي إن الأمر له علاقة بالدور الحيوي الذي لعبه صوت العرب لمحمد السعيد في القاهرة، من خلال نشر الأخبار الخاصة بالثورة، فجاءت فكرة إنشاء صوت للجزائر الحرة، وحاول عيسى مسعودي أن يكون محمد السعيد في صوت الجزائر الحرة، وهو ما حدث بالفعل.صوت العرب محمد السعيد كان مسموعا على نطاق واسع في السنوات الأولى للثورة الجزائرية، خاصة في الأوراس من الشمال القسنطيني.. حتى أن المرحوم الفقيد زيغود يوسف أطلق اسم صوت العرب على المجاهد صالح بوبنيدر رحمه الله لأنه كان يتحدث كثيرا أثناء السير في الجبال بمحاذاة مراكز العدو، فقال له زيغود يوسف: ”اُسكت فقد تتسبب في كشفنا للعدو.. كأنك مذياع صوت العرب!”، ومنذ ذلك أصبح بوبنيدر يلقب ”صوت العرب”، وقد قال لي هذا الكلام المرحوم علي كافي. وأعتقد أنه من الوفاء لأمثاله من المجاهدين أن نطلق عليه اسم مؤسسة إعلامية.وقد قال لي عيسى مسعودي: ”إنني قلدت محمد السعيد صوت العرب بنجاح”، وقد أصبح عيسى مسعودي أسطورة الكفاح المسلح على مستوى الإذاعة، إلى درجة أن الراحل هواري بومدين قال: ”إن تحرير الجزائر نصفه بجيش التحرير والنصف الآخر بعيسى مسعودي”، وقدوة عيسى مسعودي هو محمد السعيد في صوت العرب.لقد هالني أن أقرأ خبر وفاة هذا المجاهد الجزائري المصري ”صوت العرب محمد السعيد” ويُنشر الخبر كما لو كان وفاة عادية في أجهزة الإعلام الجزائرية! فلو كانت الجزائر كما كانت لشاركت في جنازته بوفد رسمي على أعلى مستوى، وكان ليحضر الجنازة وزير الإعلام أو وزير الثقافة، وأن تبث حصص إذاعية وتلفزية وتنشر مقالات حول حياة الراحل الذي قرأ بيان 1 نوفمبر في إذاعة صوت العرب بالقاهرة في 1 نوفمبر 1954.وأصدقكم القول أنني كنت من الذين يتمنون التعرف على هذا المجاهد الذي ساهم في تحرير بلدي، خاصة أنه كان ينشر أخبارا حول ما يعيشه الشعب الجزائري تحت الاحتلال في المحتشدات وكأنه معنا.. وكنا نسمعه تحت ”الزاورة” حتى لا تكشفنا عيون وآذان الاستعمار!ماذا لو قامت الحكومة بواجبها نحو هذا الفقيد اليوم يإسداء وسام الاستحقاق له عوض أن تسديه لمن لا يستحقه؟ وماذا لو نظمت له وزارة المجاهدين تأبينية في قصر المؤتمرات يحضرها من بقي على قيد الحياة ممن تعاملوا معه؟ وماذا لو أرسلت الدولة الجزائرية وفدا لعائلته لتقديم واجب العزاء؟ حتى لا يحدث له ما حدث لتصرف الجزائر مع المجاهد نور الدين الأتاسي في سوريا.. إنني فعلا تعبان!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات