التشجير بالمدن الكبرى دمّر زراعة النخيل بالجنوب

+ -

 أطلقت عدة ولايات كبرى في الشمال، قبل 3 سنوات تقريبا، برنامجا للتشجير باستعمال أشجار النخيل.وبدل من زراعة فسائل النخيل الصغير، لجأت ولاية الجزائر العاصمة وعدة ولايات في الشمال والجنوب، لزراعة أشجار نخيل كبيرة الحجم، ولم يتساءل أحد في حينه عن مصدر هذه الأشجار الكبيرة التي نقلت بالشاحنات وبكميات ضخمة من ولايات منتجة للتمور، ما أدى إلى تدمير واسع النطاق لزراعة النخيل في الجنوب.لم يجد مستثمرون كبار في مجال الفلاحة بورڤلة وغرداية وأدرار، ما يمكن غرسه من فسائل النخيل في موسم زراعة النخيل، وقد ارتفع سعر فسيلة النخل في غضون أقل من 24 شهرا من أقل من 4 آلاف دينار للواحدة إلى 3 ملايين سنتيم، وهو ما يعني استحالة استصلاح مساحات واسعة من الأرض. والسبب، كما يقول المستثمرون، هو عمليات التشجير التي تمت في السنوات الأربع الماضية في كبرى المدن الجزائرية، وأدى ذلك إلى رفع سعر فسائل النخيل، كما دفعت بعض الفلاحين لاجتثاث عشرات الآلاف من أشجار النخيل البالغة والمنتجة من الأرض لبيعها بعد أن رفعت عمليات التشجير سعر النخلة الكبيرة من أقل من 2 مليون إلى 8 ملايين.وقال مستثمرون فلاحيون كبار إن عملية التشجير الغريبة التي أطلقتها مدينة الجزائر العاصمة، باستعمال أشجار نخيل كبيرة قبل 3 أو 4 سنوات، وشملت في البداية أنواعا معينة من النخيل غير المثمر الذي كان متوفرا في الوديان المهملة، ثم مع توسع العملية وازدياد الطلب على النخيل بعدما سارت مدن كبرى في الشرق والغرب، وحتى في الجنوب، على مسارها نفسه، بدأ استنزاف الثروة الوطنية من النخيل المثمر، ما أدى إلى تدمير مساحات واسعة من الواحات المنتجة للتمور في أهم مناطق إنتاج التمور في الجزائر.والسبب، كما يقول السيد زوبير بن خادم، صاحب مشروع استصلاح فلاحي في ورڤلة، هو ”أن عملية التشجير أدت إلى نتيجتين مدمرتين، الأولى هي تجريد واحات كاملة تقريبا من النخيل في تڤرت وبسكرة وورڤلة وزلفانة. أما الثانية، فكانت رفع سعر فسائل النخل المعدة للزراعة بسبب ارتفاع الطلب”.وأضاف المتحدث بالقول إن فلاحين فقراء من تڤرت ومن ورڤلة وزلفانة بولاية غرداية، باعوا أشجار نخيل بالغة بسعر وصل 9 ملايين سنتيم لمقاولين متعاقدين للتشجير في الجزائر العاصمة ووهران.وأضاف المتحدث أن السلطات في عدة ولايات، منها الجزائر العاصمة، قررت تخصيص 30 مليون سنتيم لكل شجرة نخيل تزرع للزينة، ولم يحسب أحد أن هذا السعر سيؤدي إلى تدمير زراعة النخيل. وفي هذا الصدد، كشف زلقي حنيفة، وهو صاحب مكتب دراسات فلاحي متخصص في الاستصلاح، عن ”تعاقد عدة ولايات في الشمال مع مقاولين لزراعة النخيل مقابل 30 مليون سنتيم للنخلة الواحدة، وهو ما يعني أن سعر النخلة الكبيرة بات شديد الإغراء بالنسبة للمقاولين”.وأضاف المهندس زلقي حنيفة قائلا: ”قبل أكثر من 20 سنة، اعتمدت وزارة الفلاحة إجراء منعت بموجبه نقل فسائل النخيل من ولاية إلى أخرى في إطار إجراء لمنع انتشار مرض البيوض، لكنها تجاهلت الكارثة التي أحدثتها عمليات التشجير بالواحات القديمة المنتجة لأجود أنواع التمور في الجزائر”، وقدر المتحدث عدد أشجار النخيل التي تم نزعها بما لا يقل عن 40 ألف نخلة.وقال مستثمرون في مجال الاستصلاح الفلاحي من غرداية وورڤلة ”لم نجد العدد الكافي من فسائل النخل في عز موسم زراعة النخيل، الذي بدأ في شهر مارس، ويكاد ينقضي” .

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات