38serv

+ -

للكتاب والقراءة أهمية عظمى في حياة الأمم والشعوب، ويكفي أنّ أوّل آية نزلت من القرآن الكريم قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ممّا يدلّل على فوائد القراءة للإنسان، إذ تعتبر المحرّك الرئيس والأساسي لنهضة مختلف شعوب، وحضارات، وثقافات الأرض على اختلافها وتنوّعها، ذلك لأن هذا النشاط يرتبط ارتباطًا وثيقًا وبشكل كبير جدًّا بتناقل المعارف والعلوم بين مختلف الأفراد، كما أنّه يساعد على تطوّرها ونهضتها وتقدمها بشكل كبير.تعدّ القراءة من أهم المهارات المكتسبة الّتي تحقّق النجاح والمتعة لكلّ فرد خلال حياته وذلك انطلاقًا من أنّ القراءة هي الجزء المكمّل لحياتنا الشخصية والعملية وهي مفتاح أبواب العلوم والمعارف المتنوعة.القراءة مفتاح المعرفة وطريق الرقي؛ وما من أمّة تقرأ إلّا ملكت زمام القيادة وكانت في موضع الريادة وخير شاهد ما نعاصره من تفوق الأمم الغربية (أوروبا وأمريكا) والشرقية (اليابان والصين) وتراجع المسلمين الّذين نزل كتابهم العزيز المقدس مبتدئًا بالأمر “اقرأ”. لقد أشارت الدراسات الحديثة أنَّ قراءة الكتب تُساعد على الحفاظ على العقل سليمًا وصحيًا وتحميه من الإصابة بمرض الزهايمر والخرف، لهذا قال علماؤنا بأن حافظ وقارئ القرآن لا يصاب الخرف، حيثُ إنَّ القراءة تعمل على تمرين عضلة العقل للحفاظ على صحته وقوته، كما أنَّ لقراءة الكتب فوائد لا تُعدّ ولا تُحصى نذكر بعضًا منها أنّ القراءة تبعد الشرّ عن الشخص، حيث أنّها تُعرِّفه على طريق المنفعة، طريق الصّلاح، وتمنعه على التقرّب من المفاسد والأشرار، حيث أنّ الكتب تجعل الشخص على دراية عالية بكلّ من هم حوله وبكلّ الأمور الّتي يقومون بها، وفي هذا قال أحد العقلاء: صَحِبتُ النّاس فملوني ومللتهم.. وصحبتُ الكتاب فما مللته ولا ملني.ومن أجمل ما ردَّ به عبد الله بن مبارك عندما قالوا له: ألَا تجلس معنا؟ وهو كان يعتاد الجلوس في مكتبته، فردَّ قائلًا: أنا أجلس مع أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم.ومن أهم فوائد القراءة أنّها تمثّل وسيلة اتصال رئيسية للتعلّم والتعرّف على الثقافات والعلوم المختلفة، وهي مصدر للنمو اللغوي للفرد، ومصدر لنمو شخصيتة. وتمنح الإنسان القدرة على اكتساب مهارة “التعلّم الذاتي” الّتي أصبحت ضرورة من ضرورات الحياة الّتي بدونها لا يمكن مواكبة التطور العلمي.وللقراءة دور كبير في تقوية شخصية الإنسان، فيصبح قادرًا على الحديث بالمجالس والقدرة على نقاش الآخرين في كل مجالات الحياة. وفي ميدان التعليم، تعمل القراءة في التربية المعاصرة على توثيق الصّلة بين التلميذ والكتاب، وتجعله يقبل عليه برغبة، وتهيّئ الفرص المناسبة له كي يكتسب الخبرات المتنوعة، وتكسبه أيضًا ثروة من الكلمات والجمل والعبارات. ومن فوائد القراءة أيضًا أنّها وسيلة لاستثمار الوقت، فالمرء محاسب على وقته ومسؤول عنه، وسيسأل يوم القيامة عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه. وأنَّها تحفظ الوقت من ضياعه في الانشغال بما ليس به فائدة أو معصية لله تعالى، وأنّها وسيلة لتوسيع المدارك والقدرات؛ لأنّ المرء حين يقرأ، يقرأ في اللغة وفي الأدب والتفسير والفقه والعلوم المختلفة، ويقرأ في علوم المقاصد وعلوم الوسائل، ويقرأ فيما أُلِّف قديمًا وحديثًا، فهذا كلّه سيكون سببًا لتوسيع عقله ومداركه.فالقراءة حياة متكاملة، وذلك لأنّها تؤثّر في كافة الجوانب، حتّى في الاقتصاد، ولها دور عظيم في دعم الجانب الاقتصادي لشريحة كبيرة من الأفراد؛ إذ إنّ إقبال النّاس عليها يشجّع المطابع على العمل، إلى جانب تحفيز دور النشر على البحث عن الكُتَّاب الموهوبين والجدد، وبالتالي النّهضة الشاملة، وتحسين الأوضاع الاقتصادية لفئات كبيرة من النّاس، إلى جانب إيجاد فرص عمل للعاطلين والبطالين.كما تعدّ القراءة وسيلة من وسائل الترفيه عن النفس؛ حيث يمكن قضاء الأوقات الجميلة في قراءة بعض الكتب الخفيفة، والممتعة، والّتي تقدم فائدة في الوقت ذاته، وتساعد وبشكل كبير على زيادة الإنتاج الأدبي؛ وتحافظ على الذوق العام واللمسات الأدبية الفنية الراقية في حياة البشر، وتسمح للإنسان بالتفريق بين الحلال والحرام والواجب والمُستحب والمباح والمكروه.والكتاب ثقافة وتوجيه، معرفة وتعليم، والمجتمع مسؤول عن تدريب الأبناء على صحبة الكتاب، لأنه غذاء للعقل، وتجهيز مكتبة زاخرة بالكتب المفيدة في كلّ منزل هي النّواة الحقيقية لتكوين جيل قارئ يحبّ الاستزادة من الكتب حين نضعها بين يديه، لتكون له مرجعًا للبحث والدّراسة والتحصيل، نُعوِّدهم منذ نعومة أظفارهم المحافظة على الكتاب، وإعادته لمكانه المخصّص، لأنّه المرشد الحاذق الّذي يعينهم على حرية التفكير، فيترجم أهداف طريق حياتهم بالبحث العلمي، والاستكشاف الذاتي، بحقائق ملموسة مجسدة.. والثقافة تكون من الكتاب وحده، وأزمة الفكر لا تكون إلّا في غيبة الكتاب، الكتاب هو الّذي يمنح الثقافة ويؤثّر في العقل التأثير المنشود وعلى الآباء والأمهات استغلال رغبة الأبناء في القراءة.وبالمناسبة، فإن معارض الكتاب هي عبارة عن موسم متكرّر من الثقافة، وهذا ما يدلّ على شغف الأشخاص بالقراءة، وأنّه لأمر كبير أن يتّجه كلّ أفراد المجتمع إلى معرض الكتاب، ولكي يتمكّن أيّ شعب من النهوض والصعود، يجب عليه أن يتطوّر، وأن يزيد من ثقافته، وأن يعتاد القراءة حتّى تصبح القراءة لديه من أساسيات الحياة لا يتمكّن من العيش من دونها، والله من وراء القصد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات