+ -

كنت بسيارتي بين آلاف السيارات التي تم احتجازها لساعات بالطريق السيار عند المداخل الشرقية للعاصمة، من طرف رجال الدرك الوطني وهم يبحثون عن عناصر متقاعدي الجيش الذين يريدون الدخول إلى العاصمة لزعزعة الأمن، كما يقول الساسة أمثال غول. طوابير السيارات امتدت على طول الطريق السيار من الدار البيضاء إلى القادرية، شرقي الأخضرية... والدرك يبحث عن هؤلاء الذين يسمونهم أصحاب النوايا في الخروج عن القانون في العاصمة بعدما يصلون إليها.. عملية البحث تشبه من يبحث عن إبرة في كومة تبن... وبدت العملية عبثية بين الباحث والمبحوث عنه.بؤس معالجة قضايا السياسة والمسائل الاجتماعية بالدرك والشرطة دون رقابة من أي جهة، هو الذي جعل الجهات الأمنية ترتكب مثل هذه التجاوزات الخطيرة في حق المواطنين... فعوض أن يعاقب الدرك من يعتقد أنهم يهددون أمن البلاد، راح يعاقب الجميع بالتعذيب لساعات في طوابير السيارات وصلت مسافتها إلى 100 كلم!ولا أحد يسأل الدرك عما يفعل.. وهم يحولون الطريق السريع من نعمة إلى نقمة؟!هذه المحنة التي عشتها كمحتجز في زحمة السيارات من دون ذنب، مكنتني من النزول والجلوس تحت المطر مع العديد من المواطنين وسمعت قصصا عجيبة غريبة عن أداء الدرك لمهامه بطرق أقل ما يقال عنها أنها أغرب من الخيال.- ذكر لي أحد المواطنين العالقين في الزحمة مثلي أنه سمع دركيا في حاجز الأخضرية الشهير بالزحمة أنه قال لزميله الدركي في الحاجز.. سأدفع لك وجبة غداء إذا استطعت أن توصل طابور السيارات إلى أكثر من 10 كلم شرقي الأخضرية، فقد استطعت أنا أن أوصله إلى 9 كلم!هكذا يتبارى بعض الدركيين في تعذيب الناس في المرور بسادية لا مبرر لها!وعندما سألت محدثي عن السبب من مثل هذا التصرف الغريب، قال لي إنهم يفعلون ذلك نكاية في قائدهم بالمنطقة الذي يمارس عليهم فنون التعذيب في أداء مهامهم، فيقومون بتعذيب الشعب لعل يكون بين المعذبين في الحواجز “مقلة” فيسلط عليه العقاب؟!- الجزائر هي البلد الوحيد في العالم الذي تنتشر فيه الحواجز الأمنية في الطرق السريعة بلا مبرر... فلم نسمع أبدا أن مصالح الدرك والشرطة ألقت القبض على إرهابي أو صادرت السلاح في حاجز أمني على الطرق السيارة! وهذا وحده مبرر كاف لعبثية هذه الحواجز من الوجهة الأمنية.. فإذا كان لها من وظيفة فهي زيادة كره الشعب المعذب في حواجز السير للنظام الذي أوجد هذه الممارسات؟!- لقد قال لي أحد الدركيين أن حذاءه يلتصق بلحمه من شدة الحرارة وهو يقف في الحاجز في الصيف بلا مبرر.. فإذا كانت هناك حكمة أمنية لا نعرفها في هذا الأمر، فمن الواجب أن نعرفها لأنها ليست سرا من الأسرار الأمنية للدولة. ولعل مثل هذه الممارسات غير المسؤولة ضد عناصر الدرك من أبناء الشعب وضد الشعب في المرور هي التي جعلت مثل ذلك الدركي الذي فر إلى أوروبا وطلب اللجوء السياسي هناك! وهو ما أدى إلى إصدار تعليمة لمنع عناصر الدرك والأمن من مغادرة البلاد؟! يجب أن يفتح نقاش برلماني وإعلامي في هذا الموضوع.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات