+ -

السلام عليكم،أردت أن أساهم في عمودك بتنبيه يخص وضع الحوكمة أو الحكامة العمومية في بلادنا، لقد أكدت في دراسات سابقة لي بأن الحوكمة العمومية في الجزائر تعيش أزمة حقيقية تجلت من خلال ظهور العديد من الاختلالات في التسيير العمومي، والذي أخل بمبادئ الحوكمة: اختلالات في تحقيق مبدأ الديمقراطية في التسيير العمومي، اختلالات في تجسيد مبدأ المشاركة وإشراك مختلف الفاعلين والمواطنين في إعداد وتنفيذ السياسات العمومية والقرارات الاستراتيجية، الإخلال أحيانا بمبدأ الشفافية في تسيير بعض الشؤون العمومية، وبعض الاختلالات في مبدأ الأداء العمومي بما صاحبه في الغفلة أحيانا عن تحميل المسؤوليات للمسؤولين بالمكافأة أو بالعقاب.يجب تصحيح كل ذلك وفي أقرب وقت، لأن القاعدة العلمية تقول: لا تنمية ولا ازدهار بدون حوكمة رشيدة، ولا تنمية مع حوكمة تتوقف عند الشعارات ولا تجسد في أفعال.قلت التنبيه، لأن ما حدث هذا الأسبوع يستدعي أكثر من تنبيه، لقد صرح وزير الصناعة أمام نواب الشعب بأنه يجب انتظار 30 سنة حتى تتمكن مؤسسات تركيب السيارات (أتحفظ على كلمة مؤسسات صناعة السيارات) من تقديم سيارة جزائرية 100%، وهو تصريح غريب جدا: 30 سنة هو عمر دول، وقد تنشأ دول جديدة، وكيف للدولة الجزائرية التي انطلقت في مشروع فتي منذ 30 سنة خلت أن تنتظر 30 قادمة لصناعة سيارة جزائرية.ليس هذا تنبيهي، ولكن التنبيه يخص نوعية الخطاب الرسمي وضرورة تدعيم الشفافية المطلوبة في تناول الشؤون العمومية، إن ما قاله الوزير يتعارض مع مضمون دفتر الشروط الذي أمضاه المتعاملون الخواص مع وزارة الصناعة. إن دفتر الشروط ينص على ضرورة تحقيق نسبة الاندماج (أي نسبة المكونات المحلية الصنع إلى المكونات المستوردة: العلاقة مذكورة بالدفتر)، نسبة الإدماج المتفق عليها والمصادق عليها هي 40% على الأقل عند مرور 5 سنوات من انطلاق المصنع، بما يعني نسبة إدماج 100% (أي سيارة جزائرية 100%) عند مرور 12.5 سنة. من نصدق؟ تصريح الوزير، أي 30 سنة؟ أم دفتر الشروط 12.5 سنة؟لهذا التنبيه هدف واحد: تدعيم الحوكمة العمومية، لذا نعتقد أن توضيح الموقف مطلوب لإضفاء شفافية أكبر. أ.د. دبي عليأستاذ التعليم العالي في المناجمنت العمومي شكرا أستاذ على دقة ملاحظتك، فالأمر لا يتعلق بالغموض وعدم الديمقراطية والشفافية في تسيير المال العام، بل يتعلق أيضا بتضخم الأنا الرئاسي بحيث أُلغيت كل مؤسسات الدولة.. هو الذي يقرر وهو الذي بإمكانه أن يلغي ما تقرره الحكومة متى شاء. مجلس الوزراء كهيئة مداولات حكومية دستورية لا يجتمع، وإذا اجتمع فلأجل التصوير فقط. البرلمان لا يمكنه فعل شيء أمام إرادة الرئيس وحده. البلاد انزلقت من الإدارة الجماعية التي كانت في عهد بومدين إلى الإدارة الفردية. وحتى في عند الشاذلي كانت هناك إدارة جماعية للشأن العام. تتذكر كيف التزم الشاذلي باسم الجزائر في القمة العربية سنة 1990 بالمشاركة في تحرير الكويت، وكيف ألغى مجلسُ الوزراء هذا الالتزام ولم تشارك الجزائر، وترتب عن ذلك أن العربية السعودية رفضت استقبال الشاذلي بعد زيارته للعراق لأجل الوساطة وحل المسألة سلميا.اليوم العربية السعودية لا تحترمنا، قامت بجعل أسعار النفط تنهار إلى أقل من 50 دولارا في ظرف شهر، وولي عهدها يزور الجزائر بناء على قبول من الرئاسة، ولا أحد يسأل هؤلاء عما يفعلون بالبلاد. نحن نرفض زيارة ولي العهد السعودي للجزائر ليس لأنه قتل الصحفي خاشقجي أو سجن علماء السعودية، بل نرفضه ونرفض زيارته لأنه مس بالمصالح العليا لبلدنا وأهان الجزائر وشعب الجزائر بالعبث بخبز البلد! ماذا سنفقد إذا رفضنا زيارته لأنه أهاننا بسعر البترول، وليس بما يقوم به في بلده، فذاك لا يهمنا بقدر ما تهمنا مصالحنا التي أضر بها.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات