+ -

من عجائب السياسة في الجزائر أن تأخذ السلطة الأفكار الكبيرة وتُقزِّمها لتصبح مناكر سياسية قائمة تضاف إلى المناكر المرتكبة من قبل.المعارضة حذرت السلطة من مغبة الوصول إلى 2019 بما هو قائم من أطلال سياسية تسمى مؤسسات دستورية وأحزابا شكلية، فقامت السلطة بزيادة فساد هذه المؤسسات بواسطة التزوير و ”التخلاط” السياسي داخل الأحزاب، وجمعت في المؤسسات الدستورية والأحزاب كل مهرج أو تافه سياسيا ليكونوا أنصارا للرئيس وحكم الرئيس.واليوم بعد أن هل هلال 2019 وليس هناك في الأفق السياسي ما يمكن أن يؤدي إلى إجراء انتخابات رئاسية دون خطورة بسبب التصحر السياسي الحاصل في البلاد، راحت السلطة تبحث عن قطع الغيار السياسي لنظام معطل كلية سياسيا من حظائر الخردة السياسية، فاتضح أن بلخادم الذي شرده الرئيس من كل الوظائف حتى صفة المناضل في الحزب البائس (الأفالان)، اتضح أنه هو وسعداني وكل من رمته السلطة في مزبلة السياسة هم الذين بيدهم الإنقاذ.حتى ولد عباس الذي كذب على حزبه والشعب بأنه أُبعد من الحزب بسبب المرض وليس بسبب غضب الرئيس أو غضب حواريي الرئيس ظهر هو الآخر في مقبرة في كامل قواه، وكذب نفسه وكذب الحزب الذي ينتمي إليه، ولعله بظهوره يريد العودة إلى النضال مثل بلخادم.. فالكذب على الشعب ليس نقيصة سياسية يُعاقَب عليها سياسيا!الناس الآن يتحدثون عن ندوة وطنية تكون سببا في تأجيل الرئاسيات وتعطي الرئيس فرصة أخرى ليصلح في سنة أو سنتين ما تم إفساده خلال 20 سنة. والمصيبة أن هذه الفكرة عندما يطرحها الأفافاس لا تُقبل من طرف السلطة وأحزاب السلطة، وعندما تُطرح من طرف حمس لا تُقبل، وعندما يوحى بها إلى غول من طرف الرئاسة يصطف حولها الجميع! عدم مصداقية هذه الفكرة رغم جديتها آتٍ من كون من تحدث بها هو غول.!ندوة وطنية تؤجل الرئاسيات وتعطي السلطة طوق نجاة مؤقتة مما هي فيه وما أوصلت إليه البلاد، وتعطي ”مشامشية” الحكم في السلطة والأحزاب فرصة لإعادة توزيع المنافع والامتيازات لسنة أو سنتين قادمتين، ولاشيء غير ذلك.نعم الرئيس مريض والمرض قد لا يسمح له بأن يقوم بعمل تتطلبه فكرة تأجيل الرئاسيات والدخول في مرحلة تعطيل العمل بالدستور بهذه الطريقة دون الإحساس بالكارثة لدى الشعب، هل الرئيس الذي كان منتخبا هو رئيس أضعف من الرئيس الذي سيعين خارج الدستور؟ المشكلة هي أن الرئيس لم يعد حوله من أجهزة الدولة والمؤسسات والأحزاب ما يمكن أن يُعتد به لقيادة مرحلة خارج الدستور. زيادة على ذلك هناك أيضا حالة مرض معنوي نلمسها في هذا التخبط في اتخاذ القرارات المغلقة سياسيا.. بحث عن البديل في الخردة السياسية التي كسر رجالها الرئيس أو من كسرها باسم الرئيس، واقتصاد يسير بقرارات الشيخ شخبوط في السبعينات!نعم البلاد في حاجة إلى ندوة وطنية.. لكن ليس ندوة وطنية لأجل تمديد التمتع بالريع من طرف هؤلاء الذين أوصلوا البلاد إلى هذه الوضعية، وضعية العجز حتى عن تنظيم انتخابات آمنة لفك ألغاز الفساد.. نريد ندوة وطنية تؤسس فعلا لدولة حديثة بالرجال، المؤسسات والبرامج، ولا علاقة لها بما هو قائم! وفكرة ندوة دون إقصاء لا تعني ندوة لزبانية الفاشلين، وإذا حصل هذا فستكون قفزة أخرى في مجهول قد لا نعرف مدى خطورة نتائجها.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات