+ -

الذين يديرون دفة الحكم والسياسة الآن يرتكبون أخطاء قاتلة قد تكون أكبر وأشنع من الأخطاء التي ارتكبها بوتفليقة وصحبه عند بداية الحراك، فقد ارتكب خطأ فادحا حين لم يعلن من اليوم الأول للمظاهرات بأنه ألغى ترشحه وأنه سينظم انتخابات رئاسية حرة ولا يترشح لها! وقام في نفس الوقت بإقالة الحكومة وإحداث حراك داخل الأحزاب المهمة وفي دواليب الدولة.. لو فعل ذلك، لأعاد المتظاهرين إلى بيوتهم، لكنه لم يفعل، فكانت المكابرة والتعنت الذي أدى إلى ما أدى إليه وما نعيشه الآن.الذين يديرون دفة الحكم الآن يقعون في نفس الأخطاء، فلو استجاب هؤلاء لمطالب الشارع ولو جزئيا في كنس وجوه بقايا نظام بوتفليقة لهدأ الشارع وعاد الناس إلى بيوتهم ولو جزئيا. لكن تسيير الأزمة بالتحايل والهف ومحاولة الالتفاف على الحراك لن يؤدي إلا إلى زيادة الأزمة وتجذر المطالب.واهم من يعتقد أن إعادة تجديد النظام لنفسه بواسطة انتخابات فيها التحايل والتزوير بالقانون والدستور يمكن أن يؤدي إلى انطلاء الحيلة على الشباب الثائر وتمكينه من إخلاء الشوارع مرة أخرى. كما أن المراهنة على وهن الحراك قد تكون مراهنة خاسرة، لأن الشباب ليس أمامه سوى مواصلة هذا الحراك بكل الوسائل، وقد تتطور أساليب الحراك إلى ما لا تتصوره بقايا السلطة.واضح أن السلطة البديلة لبوتفليقة تراهن على جزء من الحراك كبديل لأحزاب الموالاة المتهالكة، وهو رهان أسوأ من رهان “القمارجية” في كازينوهات “الكوت دازير”! تقسيم الحراك اليوم إلى قسمين: قسم يبارك الإجراءات الدستورية التي دعت إليها بقايا السلطة داخل بقايا المؤسسات. وقسم يعارض هذه الحلول ويطالب ببلوغ الحراك مداه وإعادة بناء الدولة على أسس جديدة! مثل هذه الأساليب هي مناورة سياسية فيها التحايل السياسي واضح. الشعب كله رافض لعمليات التجميل التي تقوم بها السلطة تحت راية احترام الدستور لبقايا نظام بوتفليقة بمساوئه الدستورية والفسادية.لا أعتقد أن المراهنة على عمليات ملاحقة عناصر من المفسدين في نظام بوتفليقة بطريقة انتقائية وخارج حتى أبسط قواعد العدالة، يمكن أن تكون حيلة مقبولة من طرف النظام يمكن أن يبتلعها الشباب الثائر، ويخطئ من يعتقد أن الشباب الثائر غبي ولا يفهم في المناورات التي ستزج بالبلاد في أزمة أعمق وأشد.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات