+ -

مرت أمس ذكرى 3 ماي.. اليوم العالمي لحرية الصحافة، فأين نحن في الجزائر من موضوع حرية الصحافة؟! بلدنا يعيش محنة سياسية يواجه فيها الشعب الثائر النظام الفاسد سياسيا واقتصاديا! نظام يقول رموزه عن رموزه بأنه نظام عصابات! ومع ذلك تقوم “الصحافة الكلبية” الجزائرية بعضّ جزء من العصابة بتحريش من جزء من العصابة الأخرى! كيف وصلنا إلى هذه الوضعية الإعلامية البائسة؟!في ٥ أكتوبر ١٩٨٨ كانت الصحافة الجزائرية الناشئة هي القاطرة التي قادت الحراك السياسي الذي أدى إلى وضع دستور ١٩٨٩ الانفتاحي التعددي.. وكان السياسيون يحجون إلى دار الصحافة في أول ماي، وكانت التلفزة الوطنية الوحيدة آنذاك هي المنبر الحر الذي تتصارع فيه الأفكار والسياسات.. في غياب برلمان شرعي منتخب!وصلت الصحافة والصحافيون إلى لعب هذا الدور الرائد في التحول السياسي آنذاك لأن الصحافة كانت منظمة في هيئة قوية مهنية تسمى حركة الصحافيين الجزائريين (M.J.A) وقد ولدت هذه الحركة الحرة والمتمردة على أوضاع الفساد قبل ٥ أكتوبر.. وكان الصحافيون هم رأس الحربة في بزوغ الوعي الحر العام الذي فجر ٥ أكتوبر.. وكان ميلاد حركة الصحافيين قد تم من رحم المظالم الكبرى التي وقعت للصحافيين قبل ٥ أكتوبر وكانت مظالم لا تطاق!اليوم مع الأسف حالة الصحافة والإعلام السمعي البصري كارثية.. فالفساد الإعلامي والسياسي والأخلاقي ينخر قنوات السمعي البصري بصورة ألعن من الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة وتلاحقه العدالة.. وحالة انحياز هذه القنوات إلى المفسدين الاستبداديين ومصادري حرية الشعب باتت مفضوحة وبائسة.. حتى وصل الحال بثوار الشعب في المظاهرات إلى طرد الصحافيين من صفوف الشعب المتظاهر.. كيف وصلنا إلى هذه الحالة؟جزء من الإعلام الحر فضل السمعي البصري والإعلام المكتوب فضل الحرڤة إلى الخارج مع الحراڤة لممارسة الحرية من هناك، مستفيدا من مزايا القنوات المفتوحة فضائيا.. فيما بقي الإعلام البائس محليا يجتر البؤس الإعلامي.نحن في حاجة إلى قرار مهني من طرف رجال الإعلام يفرضون منظمة مهنية قوية مثل (M.J.A) تفرض بدورها هيئة حكومية (وزارة أو مجلس) يحرر القطاع كلية ويجعله لا يخضع إلا للقانون والمبادئ المهنية في الخدمة العمومية ولا شيء سواها.. وهذا لا يحتاج إلى كبير عناء، بل يحتاج إلى إرادة سياسية.. ويخطئ من يعتقد أن قوة الإعلام هي إضعاف السلطة، بل العكس هو الصحيح.. قوة الإعلام مناعة للسلطة.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات