+ -

 ڤايد صالح قال: إن الإصلاح الذي عرفته العدالة منذ 20 سنة كان كلاما فارغا.. لكن الحقيقة كانت أخطر من ذلك، فالإصلاح كان بالفعل مفسدة عامة للعدالة.. أطلقت مفاسد ومظالم لا يمكن إزالتها بمجرد تعليمات أو تدعيمات أو تشجيعات من الجيش.. العدالة تكون فعلا عادلة عندما لا تحتاج في عملها إلى من يدعمها من السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية.. واليوم أذكر لكم قضيةً عُرضت على العدالة قبل 10 سنوات تشكل بالفعل إدانة للإصلاحات في العدالة وإدانة للقضاء والنظام الدفاعي (المحاماة) على السواء، وتعكس بالفعل الوضع البائس للعدالة.قبل 10 سنوات وقعت جريمة قتل في حي الياسمين في البليدة ذهب ضحيتها شاب يدعى عمراني! الحي يسكنه علية القوم من ضباط سامين وإطارات في الدولة.. الشاب وُجد في شقته الخاصة في الطابق الرابع غارقا في دمه بعد أن قتله مجهولون، وراجت شبهات حول شباب الحي من أبناء علية القوم، ولكن أصابع التحقيق اتجهت وجهة أخرى نحو شاب ”محتحت” يسكن أحد الأحياء الهشة في المدينة ويشتغل حارس أمن في شركة، وضُبط المعني بواسطة الهاتف الذي اتصل به الضحية قبل وفاتها بساعات.. ثم تم تأكيد القضية بواسطة العثور على الحمض النووي للمعني في بيت الضحية، لكن الجريمة لم يكن هو وحده مرتكبها. وأدت التحقيقات إلى شبه تعمد في عدم كشف المتورطين معه، واتضح الأمر عندما أحيل المعني على العدالة وجاء للدفاع عنه أرمادة من المحامين من بينهم فاروق قسنطيني وكان آنذاك يرأس لجنة حقوق الإنسان، وتساءل الناس كيف لشاب ”محتحت” أن يدافع عنه قسنطيني بجلالته.كانت رئيسة الجلسة في المحكمة الثانية هي القاضية التي أدارت محاكمة الخليفة في البليدة، كان الحكم من طرف القاضية السابقة المؤبد، لكن المعني استأنف الحكم أمام المحكمة العليا، وراجت إشاعات قبل أن تصدر المحكمة العليا قرارها بوجود أخطاء في الإجراءات، فتم نقض الحكم في الشكل، ولكن عندما عاد إلى البليدة للمحاكمة ثانيةً تجاوز الأمر النقض في الشكل إلى الموضوع، وانضم إلى الدفاع عن المتهم قسنطيني بجلالته، وجرت المحاكمة وأخذ المعني البراءة التامة! ولا تسألوا عن العدالة التي خرجت من الإصلاح وتخطئ من المؤبد إلى البراءة مرة واحدة دون حرج. وكسر أهل الضحية الشرع وأعادت المحكمة العليا المحاكمة في محكمة المدية، واستمر التسويف والتأجيل سنوات لأن المحامي قسنطيني لا يُرد له طلب، وبعد لأي صدر الحكم بالبراءة ثانية، وتم النقض مرة ثالثة، وعينت المحكمة العليا هذه المرة محكمة الجنايات في تيزي وزو للفصل في القضية، ولكن المعني لم يحضر الجلسة لأنه ليس طليقا، إنه في السجن بحكم في قضية مخدرات لمدة 7 سنوات!قضية ترأسها القاضية التي حاكمت الخليفة ويدافع فيها قسنطيني وتبقى 10 سنوات كاملة بين أروقة المحاكم والمتهم فيها ”محتحت” ومن أوساط المخدرات لا بد أن يثار حولها تساؤل لا يتعلق بسلامة الأحكام ولكن بماهية العدالة نفسها.. هذه جريمة قتل حدث فيها هذا، فكيف يكون الحال في المسائل الأخرى التي تتعلق بحماية أملاك وحقوق الناس؟ العدالة فعلا مريضة لأن السلطة السياسية هي المريضة!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات