+ -

كانت الجزائر كدولة سنة 1962 من أغنى دول العالم، لأن السلطة التي طردت الاستعمار ورثت منه عشرات الملايين من الهكتارات من الأراضي العقارية ومئات الآلاف من الممتلكات والبنايات! كان الخواص في الجزائر لا يملكون حتى 5% من مجموع الأراضي المقدرة بمساحة 2.3 مليون كلم مربع.. وهي حالة لا توجد في العالم في ذلك الوقت... لا توجد دولة في العالم تملك 95% من الأراضي وشعبها بأكمله يملك 5%.الدولة الجزائرية تصرفت فيما ورثته عن الاستعمار بما يشبه تصرف الوريث المعتوه عقليا في أملاك إرثه. فبددت الممتلكات يمينا ويسارا ومكنت العصابات والانتهازيين والانتفاعيين من الاستيلاء على أملاك الدولة بلا مقابل وبشعبوية مؤسفة. ولا تزال هذه الممارسات مستمرة حتى الآن، وفي الآونة الأخيرة امتدت إلى الأراضي الفلاحية فتم نهبها بطرق مختلفة وبلا مقابل. وكمثال على ذلك حدثني مواطن من بجاية فقال:إن الدولة قدمت هبة لعائلة تامزالي متمثلة في أرض مساحتها 186 هكتار من الأراضي الفلاحية المطلة على شاطئ البحر في بلدية بوخليفة، دائرة تيشي بولاية بجاية، وهي أجمل منطقة على شاطئ البحر في حوض المتوسط بأكمله. وكانت شرط الهبة التي قدمتها الدولة لعائلة تامزالي أن تبقى هذه الأرض مستغلة في المجال الفلاحي... لكن الذي حدث أن عائلة تامزالي باعت الأرض بلا عقود لشركة سيفتال التي يمتلكها رجل الأعمال ربراب ليقيم عليها مدينة سياحية من الطراز العالمي، نظرا إلى أن هذه المنطقة هي قطعة أجمل من “الكوت دازور” في فرنسا أو شواطئ إسبانيا أو اليونان، وتم وضع التصاميم لإنجاز هذا المشروع السياحي الضخم، وعندها شاع الخبر، لأن الأرض بيعت بمبالغ ضخمة (1500) مليار سنتيم، سلمت للبائع عدا ونقدا خلف البحر “لهيك!”وبقدرة قادر تحركت جهة أخرى قالت إنها هي المالكة الفعلية لهذه الأرض، واستخرجت أوراقا من مصلحة العقار في قسنطينة.. ودخلت عائلة تامزالي وربراب والمدعي الجديد في نزاع قضائي استمر لسنوات، فيه نزاع القوة والنفوذ في العدالة أكثر من الحق القانوني في الملكية... ومايزال الأمر أمام القضاء.هذه الطريقة: أن اثنين يتصارعان على قطعة أرض ليست ملكا لهما فتحكم العدالة لأولوية أحدهما على الآخر في التواجد فوق الأرض، فيكون الحكم أساسا لبناء حق الملكية... القانون الجزائري يعطي حق الملكية لمن يحتل الأرض مدة معينة حتى ولو كان وجوده فوقها غير شرعي.. بهذه الطريقة نهبت عقارات عديدة من الدولة في ولايات عديدة وخاصة في بسكرة ووهران وعنابة.ما أريد قولة أن الفساد في الجزائر أصبح نظاما قائما بذاته ولا يمكن اجتثاثه إلا بما يشبه الثورة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات