+ -

استلهم الكثير من الكتاب الصحفيين من أعمدتك الحرة التي عمرت ثلاثة عقود ونيف، غير أنني ومنذ شهور بدأت أشعر أن ذاتيتك وانتماءك الفكري سطوَا على مضامين نقطة نظام.قلت وأنت المخضرم السياسي والإعلامي إن الشعب الجزائري فرح لمشاهدته العدالة وهي تبسط سلطان القانون على رموز عصابة الفساد، وتعترف لها بالفضل بذلك من جهة، وتلومها على سجنها “بغير وجه” حق للناشطين السياسيين من جهة أخرى.أنت هنا تتغاضى عن تصريحاتهم التحريضية واستعمالهم للألفاظ النابية ومفردات معجم الكراهية ضد الهيئات والأشخاص، وتعلم أن كل هذا موثق بالصورة والصوت، اللهم إلا إذا كان حنينك للبعض منهم بدواعي الخلة والنضال جعلك تستنكف عن الحقيقة.ولك أن تبحث في قوانين الدنيا ودساتيرها إن وجدت من يبيح ما قام به “معتقلو الرأي” من مجاهرة بالشتم وبالاحتقار حتى ولو كان ذلك موجها لمن تراهم “أعداء الحرية”. وكيف لك أن تطلب الحصانة والمناعة لمن صرح بتقسيم البلد، فليست الحرية وشعاراتها موروثا لجماعة دون غيرها وحكرا لها دون سواها. وليست المناداة بها وبالديمقراطية صكا على بياض للنجاة من عقوبات القوانين والشرائع.وطلبت من العدالة ممارسة “الصوسيال” لتحظى بالقبول والدعم من طرف جماعتك، وتريدنا أن نقع تحت طائلة الذين لا يتناهون عن منكر فعلوه. أنت يا أستاذنا لست بغافل عن أن الحراك بدأ يتحول إلى عراك في مطالبه، والمؤشرات الصادقة على ذلك يمكن عدها من لدن أي طالب في كليات العلوم الإنسانية عبر دراسة بسيطة لمضامين ما تكتبه أقلام الملايين من جمهور المساحات الزرقاء الذين أدخلوا مقاربة الديمقراطية للجميع تبعا للممارسة السياسية الفعلية بعيدا عن المنظومة السياسية التليدة التي ألفت نفسها هائمة في مكاتبها.لطالما قرأت لك مع مئات الآلاف سابقا وأنت تنتقد بشراسة الآلة القضائية، حتى كنا نخشى ألا نجد عمودك في اليوم الموالي. وكان منبرا للتعبير عن الرأي دونما سب أو تجريح.ولعل مسامراتك في مقاهي البريد المركزي وساحة أودان جعلتك تختزل الشعب الجزائري في روادها، وأنساك أهلك في كركرة وفي الأوراس وفي الأهڤار والطاسيلي وفي التوات وفي الواحات وكثبانها وفي الهضاب وجبالها.ولا بأس أن نستأنس بموقفك هذا بجدال بعض الصحابة مع الخليفة أبي بكر الصديق، لما أمر بقتال مانعي الزكاة بحجة أنهم حديثو الإسلام.حيدر بن عطية

 يا حيدر!1- ألا ترى أن تلكؤ السلطة في الاستجابة لمطالب الحراك في أسابيعه الأولى هو السبب في أخذ الحراك منحنى آخر الذي يعيبه أمثالك، فمن يتحمل المسؤولية عما حدث؟!2 - أنا لست من رواد البريد المركزي فقط، فأنا أجوب الجزائر كلها من البريد المركزي إلى بومعطي بالحراش إلى تيزي وزو وبجاية إلى جبال ڤالمة وأحياء عنابة إلى قسنطينة ووهران ووتيارت وسعيدة، انتقل شخصيا إلى هناك.3 - ما أشرت إليه ممن تسميهم ملايين الفضاء الأزرق (وأغلبهم ذباب) أزرق لا يحط إلا على الجيف! لا يساوي شيئا أمام من يخرجون إلى الشارع كل جمعة.. في كل الولايات وليس الجزائر فقط.. أم أن هؤلاء ليسوا شعبا.4 - قلنا لماذا لم تصل بعد العدالة إلى الفساد الحاصل في المؤسسات الإعلامية العامة والخاصة من عمليات ملاحقة الفساد...لقد قال لي السيد شرفي ذات يوم عندما كان وزير العدل: ساعدني بكتاباتك في تنظيف العدالة... فقلت له إن العدالة هي التي تساعدنا في تنظيف الصحافة... فقطاع الإعلام هو القطاع الأكثر فسادا من القطاعات الأخرى في البلاد! فلماذا اليوم تلاحق العدالة الجوانب المشرقة من حرية الإعلام وتسكت عن الفساد الحقيقي... والحال أن الإعلام الحر بإمكانه أن يساهم في محاصرة الفساد ويدعم العدالة وحسن أحكامه... وحرية الإعلام تقوي السلطة الشرعية العادلة ولا تضعفها.5 - هؤلاء المساجين بسبب الرأي والسياسة حرّضوا على ملاحقة الفساد والمفسدين في السياسة والحكم والاقتصاد ولم يحرضوا على الفوضى والعنف كما تقول!6 - هل من المعقول أن السلطة تفشل في تنظيم انتخابين متتاليين ولا تتغير وتدفع لتنظيم الانتخابات الثالثة في هذا الوضع.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات