+ -

بات واضحا أن السلطة ما تزال تراوح مكانها بخصوص التعامل مع ما يجري في الشارع! فما يزال العقل المدبر للسلطة يرى أن حل أزمة الشارع يمكن أن يتم بواسطة تقسيم الثورة الشعبية إلى مؤيدين للحوار مع السلطة، وإلى معارضين للحوار!وأن السلطة بإمكانها أن تعزل الجماعة التي ترفض الحوار وتحاصرها جهويا وإديولوجيا، وربما حتى عرقيا إذا اقتضى الأمر ذلك! وهي لعبة تتسم بقلة المسؤولية السياسية!السلطة لم تتعظ من مسألة تمرير الرئاسيات بالقوة القاهرة، وانتهت إلى أن رئاسيات تتم بهذا الشكل لا تحل المشكلة ولن تحلها، وهي اليوم تريد أن تمرر حوارا بالقوة القاهرة، رغم أنها تعلم مسبقا بأن ذلك لن يؤدي إلى حل المشكل الحقيقي المطروح في الشارع.. فلا يمكن أن يتم حوار حقيقي مع سلطة تسجن رموز الحراك!والدليل أن السلطة أجرت حوارا قبل الرئاسيات ولم ينته إلى حل المشكلة، رغم أن السلطة كانت أمامها فرصة إجراء حوار حقيقي ينتهي إلى حل المشكلة... وحوار اليوم سيكون أسوأ وأضعف من حوار الأمس! والسلطة تعرف ذلك بالتأكيد.رئيس الجمهورية قال: “إن الحراك نعمة”! كونه تمكن بالحراك من الوصول إلى الرئاسة.. ولو كان الرئيس جادا في ما قال، لتبنى مطالب هذا الحراك ونفذها.. وبذلك يتحول الرئيس إلى نعمة للحراك، وليس الحراك نعمة له؟! لكن اتخاذ مثل هذا القرار يتطلب أن يكون الرئيس سيد قراراته! ولا يمكن أن يكون الرئيس كذلك، سيد قراراته، ويصطف مع مطالب الشعب، إلا إذا جاء به إلى السلطة فعليا شعب الحراك! ومن دون ذلك تصبح مغازلة الحراك من طرف الرئيس باليد الممدودة مجرد تحايل سياسي... يتوجه به الرئيس لشباب ثائر لا يمكن أن تنطلي عليه مثل هذه الحيل السياسية؟!الحل الحقيقي لأزمة البلاد لا يكمن أبدا في رئيس جاء بمكر سياسي، وفي حكومة ترسكل المغضوب عليهم من رجالات الحكم السابق، بل الحل يكمن في تجاوز الشرخ الخطير الذي أحدثته أزمة الانتخابات الماضية في الجسم الوطني للأمة..والمطلوب هو إجراءات عميقة ومؤلمة للسلطة، ولكنها ضرورية.. وفي مقدمة هذه الإجراءات تحضير الظروف الملائمة لإجراء انتخابات حقيقية بلا تحايل، وهذا يتطلب قرارا سياسيا وليس حوارا أو لجنة أو قانونا، كما هو الحال اليوم.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات