+ -

كل الناس يدفعون مع السلطة إلى حوار تراه السلطة أداة لشرعنة الأمر الواقع... ويراه غيرها في المعارضات الوهمية أداة لإعادة تقسيم وتوزيع المنافع والمناصب في مؤسسات الدولة.. ويتفق هؤلاء على فكرة واحدة هي إنهاء ثورة الشعب وتنظيف الشوارع منها!لكن الشباب الثائر في الشوارع أصبح يؤمن بقضية واحدة هي إنشاء الجمهورية الثانية، كما يقول اليسار... والجمهورية الجديدة، كما يقول الباديسيون والنوفمبريون الذين يحكمون البلاد الآن.والحقيقة أن ثورة الشباب تطالب بميلاد جمهورية الحق والعدل والقانون، جمهورية المؤسسات الشعبية الشرعية، وبهذا المعنى فإنها الجمهورية الأولى وليست الثانية أو السادسة أو حتى الجديدة!الجمهورية الأولى أنشأها بن بلة سنة 1963 وانتهت في 19 جوان 1965، وأنشأ على أنقاضها بومدين الجمهورية الثانية التي استمرت في حكم الجزائر 13 سنة وانتهت بوفاته في 1979. وولدت الجمهورية الثالثة مع الشادلي وانتهت هذه الجمهورية باستقالة الشادلي في 1992، لتولد الجمهورية الرابعة، جمهورية المجلس الأعلى للدولة، وانتهت هذه الجمهورية باستقالة زروال في 1999... وجاءت الجمهورية الخامسة... جمهورية بوتفليقة التي انتهت عمليا في 22 فيفري الماضي، لتظهر إرهاصات ميلاد الجمهورية السادسة.من خصائص الجمهوريات الخمس التي مرت بها البلاد هي أن المؤسسة العسكرية هي المبتدأ والخبر والعمود الفقري في كل هذه الجمهوريات... لذلك فإن ما يطالب به الشعب الثائر في حراك الشباب الآن هو ميلاد جمهورية جديدة أولى أو سادسة، خاصيتها الأساسية هي المدنية... لا يريد الشباب إنشاء جمهورية سادسة تشبه في أسسها الجمهوريات الخمس السابقة، أو جمهورية ثانية تشبه الجمهورية الأولى التي ظهرت في 1962 وتغيرت 5 مرات دون أن تتغير في الواقع العملي. لهذا يرى الشباب أن القول بدخول الجزائر في جمهورية جديدة أمر لا يستقيم وما هو إلا محاولة لتجريب المجرب لخمس مرات!لهذا فإن أي حوار بين السلطة والحراك يجب أن يتجه إلى ميلاد الجمهورية المدنية الحقيقية لأول مرة، سواء تحت اسم الجمهورية الثانية أو الجمهورية الجديدة أو الجمهورية السادسة، لا تهم التسمية، بل المهم هو المحتوى السياسي والتأسيسي لهذه الجمهورية.وأي حوار أو نقاش أو حتى مفاوضات خارج هذا المطلب الشعبي الأساسي يعد مضيعة للوقت وتفويتا لفرصة تاريخية على البلاد في ميلاد الأمة الجزائرية الجديدة، أمة خالية من الصراعات العرقية والجهوية والطائفية والدينية، تتصارع فيها البرامج والسياسات فقط!

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات