النّظافة وأهمّيتها في المحافظة على الصحّة والسّلامة من الأوبئة

38serv

+ -

ارتفع عدد المصابين بفيروس كورونا في الأسابيع الماضية، ولم تَعُد الإصابات مقتصرة على بلد بعينه بل شملت بلدان العالم أجمع. إذ يؤكّد العلماء والباحثون أنّ الحرص على النّظافة اليومية لنظافة اليدين والأواني والأماكن العامة وتعقيمها هو السّبيل الوحيد لمحاصرة مجموعة من الأمراض الفيروسية، والحدّ من خطورتها بنسبة كبيرة.ورغم بساطة الأمر، إلّا أنّ الدّراسات تشير إلى عدم التزام معظم النّاس بالقواعد السّليمة لغسل اليدين، والّتي تساعد في قتل البكتيريا والفيروسات النّاقلة للأمراض.وإنّ معايير الصحّة والنّظافة في أماكن التجمّعات كالمدارس والمستشفيات مهمّة للغاية لمواجهة هذا الوباء الداهم، وذلك باتّباع ممارسات النّظافة الجيّدة، بما فيها غسل اليدين وصحّة الجهاز التّنفسي، والّتي تشمل تغطية الفم والأنف معًا وتطهير الأسطح بالمطهّرات يساعد على الحدّ من انتشار الفيروسات بشكل عام بما فيها فيروس كورونا، ومثل هذه الممارسات هي مسؤولية الجميع ويمكننا القيام بها بسهولة. لذا، يجب وجوبًا عينيًا على كلّ فرد من أفراد المجتمع الالتزام بنظافة اليدين، أي غسل اليدين بشكل متكرّر بالماء والصّابون والتأكّد من تنظيف كافة جوانب اليدين، وبين الأصابع وتحت الأظافر وحول الرسغين، مع مراعاة تجفيف اليدين جيّدًا بمحارم ورقية فردية.وإنّ قيمة النّظافة من أهم القيم الإسلامية، والإسلام ينظر إليها على أنّها جزء لا يتجزّأ من الإيمان، الأمر الّذي جعلها تحظى باهتمام بالغ في الشّريعة الإسلامية، اهتمام لا يدانيه اهتمام من الشّرائع الأخرى، فلم يعُد ينظر إليها على أنّها مجرّد سلوك مرغوب فيه أو متعارف عليه اجتماعيًا يحظَى صاحبه بالقبول الاجتماعي فقط، بل جعلها الإسلام قضية إيمانية تتصل بالعقيدة، يُثاب فاعلها ويأثم تاركها في بعض مظاهرها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ: بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ”.ومن مظاهر اهتمام الإسلام بالنّظافة جعلها سمة من سمات الرّجال، وهذه السِّمة جعلتهم ينالون شرف محبّة الله تعالى لهم، قال تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}، كما جعلها سبحانه وتعالى شرطًا لإقامة عمود الدّين الصّلاة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرضى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.كما حثّ النّبيّ الكريم على إسباغ الوضوء، قال صلّى الله عليه وسلّم: “مَن توضَّأَ للصَّلاةِ فأسبغَ الوضوءَ ثمَّ مشَى إلى الصَّلاةِ المَكتوبةِ فصلَّاها معَ النَّاسِ أو معَ الجماعةِ أو في المسجدِ غفرَ اللهُ لَهُ ذنوبَهُ”.وأوجب الشّارع غسل جميع البدن بعد الجماع وبعد الحيض والنّفاس وغير ذلك من المواطن الّتي يلزم معها الغسل، وحثّ عليه وندّب إليه في مناسبات عدّة وخاصة مواطن الاجتماع والازدحام كالجمع والعيدين، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إذا جاء أحدُكم الجمعةَ فليغتسلْ”. كما شرع غسل اليدين قبل الأكل وبعده، وغسل اليدين بعد الاستيقاظ من النّوم قبل غمسها في الماء، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إذا استيقظ أحدُكم من نومِهِ، فلا يَغْمِسْ يدَه في الإناءِ حتّى يغسلَها ثلاثًا، فإنّه لا يَدْرِي أين باتت يدُه”.والنّظافة في الإسلام فريضة شرعية وضرورة إنسانية، حتّى أنّ أوّل ما نزل على النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم من القرآن الكريم: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، وجعل الطّهارة رُكنًا أساسيًا وضرورة وقيمة حضارية للتقدم والتحضّر البشري والعمراني.وعلّم الإسلام المسلمين طهارة الأسنان والشّعر والجسم من الرّوائح الكريهة، فالسّواك مَطهرة، والشّعر يجب أن يكرم، والجسم لا تمسّه الرّوائح الكريهة، بل إنّ المسلم إذا مسّ رائحة كريهة ولو مباحة كالثّوم والبصل فلا يقرب المسجد، وقد ورد: “حقّ على كلّ مسلم أن يغتسل في كلّ سبعة أيّام يغسل رأسه وجسده”، ومن مظاهر النّظافة في الشّريعة الإسلامية سنن الفطرة، قال صلّى الله عليه وسلّم: “الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط وقصّ الشّارب”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات