بدائل مفيدة لاستثمار رمضان في زمن الكورونا

+ -

دخل علينا شهر رمضان، هذه السنة، في وضع استثنائي يعيشه العالم بسبب فيروس كورونا المستجد، ومن المظاهر الجميلة في رمضان أن تتزين الأسواق نهارًا وتجتمع العائلات ليلًا، وتمتلئ المساجد بالمقبلين عليها ويجتمع النّاس في صلاة التّراويح وغيرها من مظاهر الاجتماع، ولكن هذه السنة يعيش الكثير منّا في وضع غير طبيعي بسبب إجراءات الحجر الصحي الّتي منعت الاجتماعات واللقاءات.ولهذا السّبب، سأضع بين أيديكم مجموعة من المقترحات والبدائل المفيدة حتّى نستثمر رمضان حقيقة، ولا ينقضي علينا رمضان ونحن لازلنا نتحسر على تغيّر الأوضاع:عش مع القرآن: فرمضان هو شهر القرآن، والمؤمن يحتفي بالقرآن في ذكرى النّزول، والكثير كان يبرّر بُعدَه عن القرآن بسبب ضغط العمل والتجارة وزحمة الأشغال اليومية في رمضان، وفي هذه السنة يوجد متّسع من الوقت، ومع ذلك تجد النّاس تشغل أوقاتها بكلّ شيء إلّا القرآن. وأفضل استثمار نقوم به في هذا الشّهر هو تجديد العلاقة مع كتاب الله تعالى، لأنّ آثاره ستكون كبيرة على كلّ مجالات الحياة، فالقرآن يعطي نورًا في الوجه وطمأنينة في القلب وانشراحًا في الصّدر وبركة في الرّزق وسعادة في البيت ونورًا في الحياة. والإقبال على القرآن يكون بمبدأ تجديد العلاقة ثمّ الانطلاق في شعب الحياة المختلفة، وقد كان سيّدنا عثمان بن عفان يقول: “لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربّنا”.اجعل بيتك جنّة: من فوائد أزمة كورونا وبقاء النّاس في بيوتهم والتفاتهم إلى عائلاتهم وتصرّفات أبنائهم، واكتشافهم للكثير من الجمال في الأسرة، والانتباه للكثير من السّلوكات الخاطئة الّتي يرتكبها أحد الزّوجين أو الأبناء، لذلك كان من أعظم الاستثمارات في زمن كورونا، وبالأخصّ في رمضان، تحقيق الانسجام والتّوافق داخل العائلة، والتفرّغ لتجديد العلاقة بين الزّوجين ومع الأبناء. فقد تنقضي أزمة كورونا ونرجع إلى الحياة الضاغطة بهمومها ومشاكلها ونندم على هذه الفسحة في الأوقات واللّقاءات العائلية، والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: “كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته”.اجعل مُصلّى في بيتك: وممّا نستثمر به المكوث في البيوت أن نجمع عائلاتنا على القرآن والصّلاة، فما أجمل أن يجلس الأولاد مع الوالدين لحفظ أو مراجعة سورة صغيرة، وما أجمل أن تجتمع العائلة على الصّلاة جماعة في الفريضة وفي صلاة التّراويح، ولا يشترط كثرة القراءة كما في المساجد بل يكفي أن تصلّى صلاة التّراويح بآيات قليلة دون إطالة على الأولاد فيكون تعلّقهم بالصّلاة، ونكون قد أحيينا قيام رمضان ولو لم نذهب إلى المساجد، وفي الحديث: “مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه”.تابع برامج مفيدة: تكثر في رمضان البرامج في القنوات التلفزيونية وفي المنصات الإلكترونية، ولا يستطيع الإنسان أن يشاهد كلّ شيء، لذلك كان الاستثمار الأمثل للمكوث في البيت، إضافة إلى البدائل السّابقة، أن يحدّد الواحد فينا مجموعة من البرامج المفيدة له ولعائلته ويحدّد أوقات متابعتها، ويشترط في ذلك: أن يكون البرنامج يكمل مقاصد الصّيام ويعمل على تنمية العقل والقلب، وأن يكون محافظًا على قيم وعادات وأعراف الجزائريين الأصيلة.هذه بعض المقترحات والبدائل في ظلّ أزمة كورونا الّتي تحتاج إلى برمجة وتنفيذ في شهر رمضان، شهر الهمّة العالية في الذّوق والسّلوك والعلاقات.

*إمام أستاد بالمسجد العتيقتيزي وزو

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات