+ -

إنّ ممّا أنعم به الله سبحانه وتعالى على هذه الأمّة، ليلة وصفها الله تبارك وتعالى بأنّها مباركة لكثرة خيرها وبركتها وفضلها. إنّها ليلة القدر، عظيمة القدر، ولها أعظم الشّرف وأوفى الأجر، أُنزل فيها القرآن، قال الله جلّ وعلا: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ” القدر:1-2. وقال سبحانه وتعالى: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ” الدّخان:3، وهذه اللّيلة، هي في شهر رمضان المبارك ليست في غيره، قال الله تعالى: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ” البقرة:185.نوّه الله عزّ وجلّ بشأن ليلة القدر وأظهر عظمتها، فقال جلّ وعلا: “وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” القدر:2-3، فمن تُقبِّل منها فيها، صارت عبادته تلك تفضّل عبادة ألف شهر، وذلك ثلاثة وثمانون عامًا وأربعة أشهر، فهذا ثواب كبير، وأجر عظيم، على عمل يسير قليل.يُستحبّ إحياء ليلة القدر، لأنّها أفضل اللّيالي حتّى ليلة الجمعة، قال الله تعالى: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” القدر:3، أي قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه” رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة.ولعلّ ما ورد في الأحاديث الصّحاح من ذكرها وتلمّسها في العشر الأواخر من رمضان، لعلّه توجيه للأمّة منه صلّى الله عليه وسلّم لإحياء هذه اللّيلة شُكرًا لله تعالى على ما هداهُم بهذا القرآن الكريم في هذه اللّيلة المباركة، ومَن أراد أن يوافقها على التّحقيق، فعليه أن يتفرّغ لعبادة الله في الشّهر كلِّه، وهذا هو السّرُّ في عدم تعيينها.ويُستحبّ طلبها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان، فقد كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يجتهد في طلبها في العشر الأواخر، وللعلماء آراء في تعيين هذه اللّيلة، فمنهم مَن يرى أنّها ليلة الخامس والعشرين، ومنهم مَن قال إنها تنتقل في ليالي الوتر من العشر الأواخر وأكثرهم على أنّها ليلة السابع والعشرين، وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن كان متحرّيها فليتحرّها في ليلة السابع والعشرين”، وروى مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وصحّحه عن أُبي بن كعب أنّه قال: والله الّذي لا إله إلاّ هو إنّها لفي رمضان، والله إنّي لأَعلم أيُّ ليلة هي، هي اللّيلة الّتي أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين وأمارتها أن تطلع الشّمس في صبيحة يومها، لا شُعاع لها”.وأمّا أمارتها، ما رواه ابن خزيمة من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما مرفوعًا: “ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة، تصبح الشّمس يومها حمراء ضعيفة”.وجدير بالمسلمين أن لا يفوتهم وقتها ولا يحيونها، وبما يناسب مكانتها الرُّوحية فيمضون وقتها كلّه قيامًا بين يدي ربّهم ضارعين مبتهلين مُسبِّحين راكعين ساجدين لله شاكرين.فليلة القدر وهي بفضلها وتكريم الله لها تدعو المسلمين عامة لإحيائها شُكرًا لنعمة الله عليهم واستجابة لدعوة سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إليهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات