لماذا نصوم عاشوراء؟!

اليومُ العاشر من مُحرّم يومٌ عظيم من أيّام الله على البشرية وعلى الأمّة الإسلامية، لعظمة ما حدث فيه:اجتبى الله في هذا اليوم آدم عليه السّلام فتاب عليه، قال تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}، وفي الحديث الّذي رواه الترمذي وحسّنه، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لرجل: “إن كنتَ صائمًا فَصُمِ المُحرَّم، فإنّ فيه يومًا تاب الله فيه على قوم ويتوبُ فيه على آخَرين”، فلنجعل هذا الشّهر شهرَ توبة وإنابة إلى الله عسى الله أن يَمْنُن علينا بتوبة نصوح ويرفع عنّا البلاء والوباء والغلاء وتسلّط الأعداء.في هذا اليوم، استوت سفينة نوح عليه السّلام على الجوديّ، فنجا الله نوحًا ومَن آمَنَ معه: {وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.في هذا اليوم، نَجّا الله موسى عليه السّلام ومَن معه وغرّق فرعون وجنده، فصامه موسى عليه السّلام شُكرًا لله، لِمَا روى البخاري ومسلم مِن حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال: قدِمَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم المدينةَ، فرأى اليهودَ تصوم عاشوراء، فقال: “ما هذا”؟ قالوا: هذا يومٌ صالح، نَجَّا اللهُ فيه موسى وبني إسرائيل مِن عدوّهم، فصامه موسى عليه السّلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أنا أحقُّ بموسى منكم، فصامه صلّى الله عليه وسلّم وأمَرَ بصيامه”، وفي رواية عن مسلم: قالوا: يا رسول الله! إنّه يوم تُعظِّمه اليهودُ والنّصارى! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “فإذا كان العامُ المُقبل إن شاء الله صُمْنا اليومَ التاسع” (يعني مع العاشر).وصيام عاشوراء يُكفّر السنة الماضية، لمَا ورد في الصحيح مِن حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سُئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: “أحتسِبُ على الله أن يُكفّر السنةَ الّتي قبله”. وفي رواية عند مسلم من حديث الرُبَيّع بنت معوذ رضي الله عنها: (... فكُنّا بعد ذلك، نصومُه ونُصَوِّم صبياننا الصّغار).فيومُ عاشوراء يومٌ عظيم عند الله، جعله الحقُّ سبحانه رمزًا لانتصار الحقّ على الباطل وانتصار المؤمنين المستضعفين على الطغاة الظالمين المستكبرين !فتفاءلوا يا عباد الله وأَبشروا ولا تيأسوا، قال تعالى: {وَلَا تَيْأسُوا مٍنْ رَوْحِ اللهِ إنّهُ لَا يَيْأسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.* مدير مدرسة الشيخ عبد الحميد بن باديس للقراءات بقسنطينة