بالاشتراك الجزائر والاتحاد الأوروبي: هل استفدنا من اتفاق الشراكة؟

+ -

إن إشكالية أن تكون جزءًا من منطقة تجارة حرة بسيطة للغاية. السؤال الأول الذي يجب طرحه هو: هل سنتحسن بشكل أسرع من الشركاء في مجالات كافية من أجل أن نحقق أرباحا أكثر من الخسائر؟ عند النظر إلى التاريخ القريب، نجد أن تونس في فترة ما قبل الثورة قد رفعت من صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي بعد انضمامها إلى منطقة التجارة الحرة أكثر من الاستيراد. يمكن تفسير السبب الرئيسي لذلك، في التحكم بشكل أفضل في مشروع تطوير المؤسسات ومعادلتها لنظيراتها الأوروبية. منذ توقيع اتفاق الشراكة، تغير الوضع كثيرا، ففي حين حقق المغرب نتائج متوازنة بالنظر إلى الصادرات والواردات والاستثمارات التي تجتذبها المملكة، نجد أن الجزائر تعرضت لنزيف حقيقي. خلال 15 عاما التي أعقبت الاتفاق، شهدت الصادرات خارج المحروقات ركودا وتضاعفت الواردات بمقدار ثلاث مرات على الأقل. في المجموع، تجاوزت الواردات 300 مليار دولار بينما الصادرات خارج المحروقات لم تصل إلى 16 مليار دولار. الملاحظة بسيطة، الاتفاق كان في اتجاه واحد وكان ذلك متوقعا.

أولا، كانت تركيبة الفريق المفاوض تنطوي على خلل واضح. على عكس تونس والمغرب، تم استبعاد رجال الأعمال الجزائريين من عملية التفاوض ولم يقرر سوى المسؤولون الإداريون المستقبل الاقتصادي للبلاد. إن تفاوضا بهذه الأهمية وهذا الحجم يتطلب استراتيجية تقوم على تشخيص دقيق للوضع في البلاد. عدا ذلك، تعد تقنيات التفاوض موضوع تدريب دقيق للغاية، ولا نعرف ما إذا كان مفاوضونا قد تدربوا في هذا الصدد. لكن الوثيقة التي أعدها ووافق عليها صناع القرار لدينا تشير إلى أوجه قصور خطيرة في عملية التفاوض. كان من الضروري الاستفادة من الوضع في أوروبا لانتزاع اتفاق أفضل بكثير، فقد كان اللوبي الزراعي قد استبعد فعليا العديد من القطاعات الفرعية الزراعية من الاتفاق في ذلك الوقت، ما جعل الاتفاق يركز على الصناعة والخدمات، وهي ميادين تتمتع فيها أوروبا بأفضلية كبيرة يصعب تداركها. كان من الممكن أن يؤدي التشخيص الجاد إلى استنتاج مفاده أن حالة ركود الإنتاج لم تكن على وشك التحسن في بلدنا. كانت إمكانياتنا لتطوير الإدارة ضئيلة جدا، حتى تسمح البرامج الضعيفة لمعادلة المؤسسات بتغيير الأمور. لم يتغير الوضع كثيرا، ونحن اليوم في خضم نفس المشكلة. نتيجة لذلك، فإن مساحة التحسين التي نستغلها ضئيلة ولكن الإمكانات هائلة. لكننا حتى الآن لم نطور عوامل النجاح الرئيسية التي من شأنها أن تسمح لنا بأن نكون أكثر قدرة على المنافسة. كان عقد الشراكة متحيزا لصالح أوروبا، وقد سمحنا باستنزاف الاقتصاد الوطني عبر الواردات والفواتير المضخمة. الآن وقع الضرر وكما يقول المثل الصيني "يجب ألا تبكي على الجرة المكسورة أو الماء المسكوب".

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات