آخر الأخبار

هل سترسخ النصوص الجديدة ثقافة التبليغ عن الفساد؟

+ -

يعتبر "التبليغ" من أبرز الوسائل الفعالة في مكافحة الفساد بمختلف أشكاله، ورغم فعالية هذا السلوك أو الثقافة في الحد من الظاهرة إلا أن السلطات العمومية خصته بمقاربة جديدة قائمة على "العلنية" في كشف ممارسات الفساد. وهو خيار لا يزال حسب مختصين بحاجة إلى إثراء وواقعية حتى تتحقق أهداف مكافحة الفساد، حيث لا تزال الحاجة إلى إبقاء قنوات التبليغ الشائعة وحماية أصحابها من جهة وحماية المسيرين من الوشاية الكاذبة والممارسات الكيدية، من جهة أخرى.

أعلنت الحكومة قبل أيام عن إعداد مشروع تمهيدي لقانون يهدف إلى رفع التجريم عن فعل التسيير وتجريم فعل الاستثمار دون الكشف عن معالم وإبعاد هذا النص الجديد، وهي فرصة لإعادة تقييم المنظومة القانونية، بعدما صدرت توجيهات برفع التجريم عن فعل التسيير وقطع الطريق أمام "التبليغ السري".

ويرى متابعون للملف ضرورة استحداث طرق أكثر فعالية وذكاء لحماية المبلغين، فحينما تقطع المصدر المجهول فقد حجبت الكثير من المعلومة القابلة للاستغلال فالكثير من المصادر تحدثت بأن الرسائل المجهولة كانت وراء تفكيك الكثير من ألغاز الفساد وقادت الجهات القاضية إلى وقف الضرر عن الصالح العام.

وزادت حالة التوجس من المقاربة الجديدة "العلنية" لأن الشواهد والتجارب السابقة تكشف أن الكثير من المبلغين تعرضوا إلى مضايقات وإكراهات ومخاطر جسيمة كالانتقام والترهيب وحتى التهديد والفصل من المناصب ومن تبعات أخرى حولت حياتهم إلى جحيم.

كما زادت المخاوف مؤخرا من توجه السلطات العمومية إلى إقرار نصوص تفرض على أي مبلغ الكشف عن هويته أمام الجهات المختصة، حتى يتسنى له تقديم إفادة تتعلق بالفساد ومرتكبيه!!، حسبما أعلنه وزير العدل عبد الرشيد طبي في البرلمان. بعد إعلان الرئيس عبد المجيد تبون عن وقف الاعتداد بالرسائل المجهولة، سواء كانت تقليدية أو عبر الوسائط الإلكترونية والتطبيقات الذكية المتاحة حاليا حماية للمسيرين من الوشاية والبلاغات الكاذبة وتعطيل المبادرة التنموية والاقتصادية، إلا أن السلطات المختصة في مقابل ذلك أضحت مطالبة بوضع آليات جديدة للتبليغ بكل أبعاده تتوفر على حد أدنى من ضمانات الحماية للمبلغ من كل أشكال الانتقام والملاحقة من المبلغ عنه.

وقبل الكشف عن مضمون الوثيقة التي درستها الحكومة في اجتماعها الأسبوع الماضي، إلا أن السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته تحدثت في وقت سابق عن إعداد قانون مستقل بذاته لحماية المبلغين عن قضايا الفساد وتعويض رسائل التبليغ مجهولة المصدر.

وقال الأمين العام للسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، شعلال مولاي العربي، إن هيئته بصدد إعداد قانون مستقل بذاته لحماية المبلغين عن قضايا الفساد بغية حمايتهم من الاستفزازات والتهديدات. وأقر أن "المبلغين يخشون من التهديدات والاستفزازات التي قد يتعرضون لها..".

ولذلك لجأت سلطة الشفافية –حسبه- إلى إعداد قانون مستقل بذاته.. "سيشجع مستقبلا –حسبه- على مثل هذا السلوك الذي سيساهم بدرجة كبيرة في مكافحة ظاهرة الفساد".

سلطة الشفافية كشفت على لسان أمينها العام عن نتائج تحقيق وطني قامت به حول نظرة المواطن الجزائري لظاهرة الفساد في المجتمع، حيث قال في تصريح للإذاعة الوطنية في هذا الشأن "قمنا في السلطة مؤخرا بدراسة حول نظرة المواطن الجزائري للفساد وخرجنا بنتائج قيمة". وأوضح "معلوم أن الجزائري يدرك أن هناك فسادا على كافة المستويات، ولكن نحن أردنا البحث عن أسباب ومسببات الفساد، لماذا يستشري الفساد في الجزائر؟". وكشف "كانت هناك عدة أجوبة، وهناك العديد من المواطنين يقولون إن السبب هو غياب الوازع الديني، وكذا غياب الردع والعقاب وغياب نفاذ القانون، كما أن ظاهرة الفساد أضحت مقبولة مجتمعيا للأسف الشديد".