+ -

قول العلامة ابن القيم رحمه الله: “الصيام لجام المتقين”، وفعلا هو كذلك، فهو لجام للشهوات الأربع: شهوة البطن، وشهوة الفرج، وشهوة الغضب، وشهوة الكلام، فالصوم مدرسة لعلاج هذه الشهوات جميعها، الموجهة للفرد وللأسرة وللمجتمع برمته، بل وللعالم كله، الصوم هو هذه المدرسة الربانية التي تعالج الشهوات النفسية في وقت واحد.

فالإنسان كما هو معلوم عبارة عن ثلاثة أشياء: روح علوية ربانية أتت من الملك سبحانه تعبر عن روحه عز وجل: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ}، وجسد من طين يهوي إلى الأرض: {أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}، وعقل يختار ويصدر قرارات يومية لحظية، ففي كل دقيقة نختار بالعقل قرارات توجّهُ لإصلاح الروح أو توجّه لإصلاح الجسد في إطار متوازن أو مختل، فإذا اختل العقل في اختياره أو اختار للروح أشياء كثيرة ونسي الجسد، حدث الضنك والشقاء، وهذا غير مقبول شرعا، فلابد أن نعطي الجسد حقه مع الروح، لا أن نعطي الجسد كل شيء، وننسى حق الله، ننسى غذاء القلب والروح والوجدان.