السويدانية: بنايات غير شرعية تنمو كالفطريات وسلطات محلية "غائبة"

+ -

عندما بلغ اليأس مبلغه، ولأن بيوتا قصديرية غير شرعية أصبحت تنمو كالفطريات على وعاء عقاري "مهم" بحب القنصلية 260 مسكن ترقوي عمومي بالسودانية، في الجزائر العاصمة، وكأن هناك "تواطؤ" من جهة مسؤولة ما، تغض الطرف على ما هو يحدث من اعتداء على البيئة والمحيط والعمران وعلى العقار، في وضح النهار.

ولأن السلطات الإدارية المحلية لم تتحرك أمام هذا الاعتداء الصارخ على الملك العام، لجأت جمعية الحي، ومن ورائها السكان، إلى كل المنابر لعلها توصل نداء استغاثتها إلى ذوي الأمر، بداية من المصالح الأمنية، إلى الوالي المنتدب لمقاطعة زرالدة، إلى والي العاصمة، فإن كان هناك تفاعل "فبها ونعمت"، أما إذا لم يتحرك هؤلاء، فإن مناشدة مصالح الوزير الأول ومفتشية رئاسة الجمهورية ستكون الوجهة الأخيرة، سيما وأن رئيس الدولة لم يترك أي مناسبة مسديا تعليماته بضرورة حماية العقار العمومي ومحاربة كل أشكال فوضى التعمير والعمران، وعدم السماح لأي بناية غير شرعية بأن تظهر في "غفلة" من السلطات المحلية المعنية بمتابعة كل صغيرة وكبيرة في إقليمها.

ومباشرة بعد بداية ظهور أو البنيات غير الشرعية والبيوت القصديرية على الوعاء العقاري الذي كان يأوي بيوتا فوضوية أيضا، استفاد ساكنته من عملية ترحيل سابقة، دقت لجنة حي 260 مسكن ترقوي عمومي بالسويدانية كل الأبواب، منها فرقة الدرك الوطني للسويداينة، البلدية، الوالي المنتدب لمقاطعة زرالدة، المديرية العامة لمؤسسة الترقية العقارية، غير أنها لم تلق أي تفاعل جدي، بدليل أن البنايات تنمو كالفطريات، ويكاد المكان يتشبع لدرجة لن يكون هناك أي مجال حتى لمرور السيارات.

ففي رسالة استغاثة ونداء نجدة موجه إلى الوالي المنتدب لمقاطعة زرالدة، مثلا، قالت لجنة الحي: "يشرفنا أن نتقدم الى سيادتكم المحترمة بهذه الشكوى التي نضمنها تجاوزا صريحا واعتداءا معاينا على قطعة أرض تابعة للدولة بمحاذاة المتوسطة (حي 260 مسكن ترقوي عمومي)، وتدخل في إقليم قطعة أرضية تم تخصيصها لانجاز تجهيزات عمومية".

وأضافت رسالة الشكوى: "نحن لجنة حي 260 مسكن ترقوي عمومي نبلغكم من خلال هذه الإرسالية بقيام أشخاص ومباشرتهم تشيد بنايات فوضوية دون سند عمراني، وهذا في وضح النهار وأمام مرأى العام والخاص وبهذا التبليغ هو تكريس مبدأ دستوري أقرته السلطات العليا للبلاد في حثها المجتمع المدني المهيكل المشاركة والمساهمة في الشأن العام، ومن ثم التبليغ عن كل ما من شأنه أن يمس بمدخرات الأمة مباشرة"، وأشارت لجنة الحي فقي تقريرها إلى معاينتها قيام أشخاص بعملية بناء مساكن فوضوية، حيث "توجهنا إلى مصالح الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بالسويدانية المختصة إقليميا والتى بدورها قامت مصالحها بمعاينة ميدانية يوم 24/12/2022، وهذه البنايات التي مازالت قيد حجر الأساس لحداثة ترسيم القطع المنهوبة من طرف أشخاص همهم استنزاف العقار العمومي واغتنام فرصة غياب مصالح البلدية عن أداء دورها".

وأضافت الشكوى: "لعلمكم سيد الوالي أن ذات القطعة كانت وما تزال محل دراسة تقنية لما تشهده من إنزلاق مس هيكل متوسطة الحي، وجعل الجدران الخارجية لهذه الأخيرة مهددة بالانهيار والمصالح التقنية للدائرة والبلدية وصاحبة المشروع (المؤسسة الوطنية للترقية العقارية) على دارية بذلك"

إلى ذلك قالت لجنة الحي أن "هذا البليغ جاء لاستعجال الوضع قبل إتمام هذه البنايات الفوضوية ومن ثم تجنب مصالح الدولة المركزية عمليات ترحيل مثل تلك التي شهدتها سنة 2018 بذات الأماكن"، مضيفة أن "هذا التبليغ يعبر عن غيرتنا كمجتمع مدني مهيكل على حماية عقار موجه لانجاز تجهيزات عمومية لفائدة أبناء بلدية السويدانية وهذا بعد تسوية الضرر الذي يمكن أن تلحقه بالفضاء العقاري".

سكان الحي، الذين راسلوا كل السلطات والهيئات بشأن الاعتداءات تلك التي تحدث جهارا نهارا، آملين تدخلها الفعّال، يتساءلون أيضا عمن يقف وراء هؤلاء الذين يشيدون بناياتهم غير الشرعية، مشيرين في السياق ذاته إلى أن هناك "تواطؤ" أكيد، من جهة ما، وإلا كيف يتم تفسير توافد نفس العمال البنائين على الموقع لتشييد تلك البنايات، وأيضا نفس الشاحنة التي تقل الرمل والحصى وحديد البناء والإسمنت والآجر، الأكيد أن في الأمر "إنّ"، يقول هؤلاء، داعين في السياق ذاته تحركا فعالا وعاجلا من والي العاصمة وكل من لديه سلطة، لحماية عقار ملك عام من سطو واعتداء صارخ على قوانين الجمهورية، وحماية أيضا للسكان مما هو واقع الآن، ومما قد يحدث، سيما وأن هناك ربط غير شرعي، وسطو على التيار الكهربائي والمياه، دون الحديث عن تعفن المحيط بسبب الصرف الصحي.