تملك المحكمة الدستورية، وفق المادة 260 من القانون العضوي 01/21، المتعلق بنظام الانتخابات، سلطة إعادة صياغة محاضر النتائج بقرار معلل، في أجل ثلاثة أيام، إذا تبين أن الطعون مؤسسة، لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه: إلى أي مدى يمكن الذهاب في فحص ومراجعة المعطيات التي استلمتها الهيئة من السلطة المستقلة للانتخابات؟
يطرح ملاحظون هذا التساؤل، بالنظر إلى أن اثنين من بين المترشحين الثلاثة، تقدما بطعنين امام الهيئة الدستورية، بالإضافة إلى أن ثلاثتهم، احتجوا في بيان مشترك على "الأرقام المتناقضة والغامضة" وأيضا، ضمنيا، على المفهوم المستحدث: معدل نسبة المشاركة، بدل نسبة المشاركة، بالقول "غياب المعطيات الأساسية كما جرت عليه العادة في كل الاستحقاقات الوطنية المهمة"، على حد تعبير البيان.
وبالتالي، تتجه الأنظار حاليا صوب المحكمة الدستورية، التي ستنظر في طعني عبد العالي حساني ويوسف أوشيش، في ظرف ثلاثة أيام، بعد أن أودعاهما منذ يومين، فيما لم يطعن المترشح الفائز في الاستحقاق الرئاسي، عبد المجيد تبون، بالرغم من توقيعه على البيان الاحتجاجي المشترك الذي طعن في مخرجات العملية التي عرضها رئيس سلطة الانتخابات، محمد شرفي.
وبرأي المختص في القانون الدستوري، رشيد لوراري، في حديثه لـ"الخبر"، فإن المحكمة الدستورية تتعامل مع الطعنين المرفوعين من المرشحين، عبد العالي حساني شريف ويوسف أوشيش، "بناء على الأوجه المشار إليها في مذكراتهم بعد الطعن أساسا، وليس بناء على الاحتجاج المشترك الذي وقعه المترشحون الثلاثة".
وفي إجابته على السؤال حول مدى حدود سلطة المحكمة الدستورية في إعادة النظر في النتائج، ربط لوراري ذلك بأوجه الطعون المقدمة لديها، بالإضافة إلى "مهمتها الدستورية المتمثلة في الأبحاث والدراسات أو الاطلاع على الوثائق وأوراق التصويت، وغيرها من الإجراءات التي تجعلها في وضع يسمح لها بالتحقق من صحة أو عدم صحة النتائج، لتقدم النتائج النهائية حائزة على قوة الشيء المقرر فيه، وعلى كل السلطات والأفراد الالتزام به".
وبالنسبة لمدى تأثير البيان المشترك في عمل المحكمة ومدى استدلالها به، ذكر الجامعي في معرض تحليله الدستوري والقانوني، أن "البيان لا يحمل عناصر دقيقة أيضا، وهو بحاجة إلى توضيح من قبل أصحابه، ما جعله يأخذ طابعا سياسيا أكثر، خاصة وأنه لم يشكك في النتائج برمتها وفي سير العملية، وإنما في أرقام النتائج، مفترضا أن المحكمة قد تستأنس به في عملها، لكن ليس بشكل أساسي قياسا بمذكرات الطعنين".
ويتعين على المترشحين، في تحليل لوراري، "إبراز بدقة التناقضات والتجاوزات أو المخالفات أثناء سير العملية الانتخابية في مذكرات الطعن المرفوعة، بينما يستوجب على المحكمة النظر فيها والرد عليها"، متوقفا عند ما اعتبره "إشكالا قانونيا محتملا إذا اُخذ بعين الاعتبار ضرورة تسجيل هذه التجاوزات أو المخالفات في محاضر الفرز، وفقا لما ينص عليه القانون في مثل هذه الحالات"، يضيف المتحدث.
من جانبه، يرى أستاذ القانون الدستوري، بودهان موسى، أن المحكمة الدستورية "ملزمة، انطلاقا من صلاحياتها، بفحص نتائج الانتخابات، بناء على الطعون التي تلقتها من قبل المترشحين، بالقدر الذي لاحظته وتتطلبه النتائج".
وأشار المتحدث في اتصال مع "الخبر"، إلى أن هذه الهيئة "ستتصدى حتما لهذه الإشكالات من الناحية الدستورية والقانونية وليس السياسية، وفقا لما تنص عليه المادتان 191 و85 من الدستور والمواد 259 و260 و272 من الأمر رقم 21/01 المعدل والمتمم المتعلق بالقانون العضوي للانتخابات".
وبناء على تحليل الخبيرين، فإن المحكمة الدستورية ستتعامل مع المسألة بمنطق قانوني ودستوري، انطلاقا مما ستراه على مستوى النتائج، وأيضا من الأوجه المذكورة على مستوى مذكرات المترشحين، التي تكون قد رفعت بعد تسجيلهما الطعون.