أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن الشروع في مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، بداية من السنة القادمة، في خطوة لإعادة مسار العلاقات الاقتصادية بين الطرفين إلى وجهته الصحيحة.
فالاتفاق أبرم في وقت كانت فيه الجزائر تختلف عن جزائر اليوم، من حيث نسبة مشاركة الصناعة في الدخل القومي، فضلا عن إمكانيات التصدير التي أضحت الجزائر تمتلكها حاليا.
وقال الرئيس، خلال لقائه الدوري مع وسائل الإعلام، بث سهرة السبت، "ابتداء من سنة 2025 سندخل في مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي"، مؤكدا على أنّ هذه المراجعة أصبحت "ضرورية" وأنّها ستتم بـ"كل سلاسة وصداقة" مع الاتحاد الأوروبي و"دون الدخول في نزاعات".
وقال الرئيس تبون بهذا الخصوص: "مراجعة الاتفاق (اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي) ضرورية، واتفقنا على أن يكون هذا بسلاسة وبكل صداقة... لسنا في نزاع مع الاتحاد الأوروبي، بل تربطنا علاقات عادية مع هذه الدول بما فيها فرنسا".
وفي قراءته لهذه الخطوة، قال الخبير المالي والاقتصادي، سليمان ناصر، في تصريح لـ"الخبر": "إنّ مراجعة بنود هذه الاتفاقية ضرورية، لأن الجزائر كانت في موقف ضعف خلال التوقيع، ما جعل كفتي العلاقة مختلة لصالح الضفة الأخرى من المتوسط، وهو الأمر الذي دعا إلى تصحيحها بشكل صارم خلال المراجعة المقبلة".
وأشار المتحدث إلى "التضييق على تنقل الأفراد من طرف دول الاتحاد الأوروبي دليل على نيتها غير الواضحة، إذ أنّ فتح مجال التجارة والاستثمار يفرض من حيث المبدأ التنقل بحرية، وهو الأمر غير الموجود طيلة فترة تطبيق هذه الاتفاقية"، بدليل بلوغ نسبة رفض التأشيرات إلى حدود 60 بالمائة".
ولم يجد الدكتور ناصر أفضل من مثال شوكولاطة "المرجان" التي هزت عرش منتجات أوروبية، حيث عرّت نوايا الجهات الأوروبية وجعلتها تمنع تواجدها في فضاءات البيع، تحت ذرائع مختلفة، وقال إنّ "هذا حدث بالنسبة لمنتوج واحد أثبت جدارته في السوق الأوروبي، فما بالك لما يتعلق الأمر بالعديد من المنتجات الأخرى". أما بخصوص التبعات السلبية التي تعرض لها الاقتصاد الوطني جراء الالتزام ببنود هذه الاتفاقية، قال الخبير سليمان ناصر إنها كبيرة، على الرغم من عدم توفر أرقام رسمية تكشف عنها، مشيرا إلى "اختلال التوازن بين طرفي هذه المعادلة، ما يفرض التعجيل بمراجعتها وإعادة النظر في بنودها".
وأرجع محدثنا "تأخر" المضي في هذا المسعى إلى "معطيات تخص تارة توجهات الجزائر وقدرتها على المفاوضات مع الطرف الأوروبي، إبان مرحلة سابقة، وتارة أخرى إلى أسباب تجعل أطرافا معينة تستفيد من هذه الوضعية"، ليضيف أن "خطوة إعادة النظر في بنود الاتفاقية لن تجعل من الجزائر استثناء، فهي وسيلة لإعادة تعديل وإصلاح وضع قائم".