أسرار حول محمد ديب ورواياته "الحريق والدار الكبيرة"

38serv

+ -

 

كشفت كاترين وماورا بنات الروائي محمد الديب لأول مرة صفحات مجهولة من مسار كاتب "الدار الكبيرة" خلال محاضرة، أول أمس، بالملتقى الدولي حول "الجزائر بعد 70 سنة: تحديات تجديد المعرفة في العلوم الاجتماعية والإنسانية" بمركز البحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران، بمشاركة 288 باحثا من بينهم 68 باحث أجنبي، من 9 إلى غاية 11 ديسمبر

اعترفت كاترين ديب الحاصلة على شهادة عليا في الجغرافيا من جامعة وهران في مداخلتها "سمحت لي قراءتي لأعمال والدي باكتشاف أجزاء مهمة من حياته كان يخفيها عنا مفضلا التركيز فقط على الأشياء الإيجابية في حضن العائلة ومدينة تلمسان، واكتشفت معاناته من الفقر والحرمان والجوع وخاصة الجوع الذي كان الشخصية الرئيسية في روايته من خلال وقائع رواياته وشخصياته في الدار الكبيرة والعديد من يوميات الطفل عمر ووالدته عيني والجيران كانت مستخلصة من حياته اليومية وحياة العائلات الجزائرية تحت نير الاستعمار". تطرقت كذلك إلى جزئية أخرى "حتى تفاصيل حول تمتع بعض الأغنياء بحياة الرفاهية أمام مرأى الفقراء واقع يجب تسليط الضوء عليه لفهم الفترة الاستعماري".

اعتبرت بأن "ثلاثيته الأدبية تسمح بإماطة اللثام عن أجزاء هامة من حياته بسبب عدم وجود عمل ببليوغرافي محترم حول ديب باستثناء بعض التعريفات من إنجاز شقيقتي أسيا أو تعريف لأصدقاء محمد ديب على الانترنت". عبرت عن اقتناعها بأن "عالم رواياته الثلاثة مستمد من حياته الشخصية كالجو العائلي والروائح والتبادلات بين مختلف شخصيات الدار الكبيرة أو دار سبيطار وأتذكر حكاية سمعتها من جدتي حول قيامها بجمع الأموال عند الجيران لشراء تذكرة قطار لأبي في سن 28 سنة للمشاركة في أول لقاء أدبي بسيدي المدني في الجزائر العاصمة سنة 1948 بحضور جون سيناك وكامو وآخرون. وهو ما نكتشفه في مؤلفه – تلمسان أو أماكن الكتابة سنة 1948- المنشور سنة 1994 والذي يتضمن صورا لأطفال تلمسان فقراء وآخرون أغنياء يبتسمون للمصور للتأكيد على الفوارق الاجتماعية والتركيز على صور الأنديجان والأهالي المغيبين في الأدب الفرنسي". أضافت كاترين حول شخصيات روايات والدها "اطلعت على دراسة لسلمى أرقال حول المهاجرين الجزائريين في تركيا اثناء الاستعمار وربطتها بشخصية حميد سراح المناضل السياسي في الدار الكبيرة". وعن كيفية دخوله عالم الرواية ليكون من بين الآباء المؤسسين للأدب الجزائري ردت قائلة "من الصعب الإجابة لكن ديب كان متعدد المواهب فهو ملم بالموسيقى بكل أنواعها بطريقة عجيبة لكن الفقر لم يسمح له بمتابعة دروس في الموسيقى لكن والده أصر على دخوله المدرسة الفرنسية واضطر للعمل في سن مبكرة لإعالة عائلته وكان يذكر بفخر بأنه ينوب عن اساتذته في الثانوية خلال غيابهم لتقديم الدرس وترعرع في وسط ثقافي في النوادي بتلمسان رفقة رفاقه بشير يلس الفنان التشكيلي وأبو بكر عبد الله المختص في الخط، وكان يكتب كثيرا في المقاهي والنوادي لكن لقاءه بصهره روجي بينيسون هو الدافع لأنه شجعه على تحويل ما يكتب إلى روايات ونشرها، لكن القول بأن صهره هو من ساهم في وعيه الثقافي والفكري هذا خطأ بشهادة والدتي كوليت التي أكدت لي بأنه ديب كان مكونا فكريا قبل التقاءه بروجي". من جهتها، تكفلت ماورا ديب الإبنة الثانية لمحمد ديب بتقديم نبذة عن والدها خلال فترته الفنلندية بالعودة لأول مشاركة للروائي في التظاهرة الأدبية "ميكولا" بفنلندا سنة 1975 وهو فوروم يجمع أدباء من مختلف التوجهات يعكس الموقف الحيادي لفنلندا من الحرب الباردة، أظهرت نسخ لثلاثية ديب المترجمة للغة الفنلندية سنة 1978 وهي أول ترجمة لأديب جزائري، عرف فوروم "ميكولا" مشاركة آسيا جبار وأحمد زيتوني فيما بعد. عرفت الجلسة تقديم محاضرات من طرف الصادق بن قادة حول التحضير واندلاع الثورة في وهران ومحاضرة للباحثة الفرسنية كريستين شوصار حول "التدريس في البليدة فترة 1944 و1962" ومحاضرة للباحثة جريو حورية حول "نشاط لجنة دعم ضحايا القمع" لمساندة مناضلي المنظمة الخاصة ومحاضرة بن ساعو محمد من جامعة سطيف حول "الذاكرة الجماعية والعلاقات بين الأهالي والمعمرين حسب دراسة مونوغرافية لبلدية ريغا المختلطة بسطيف".   

 مشاركة 288 باحث لتقييم المعرفة الاجتماعية في الجزائر بعد 70 سنة

عرفت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر: "الجزائر بعد 70 سنة: تحدّيات تجديد المعرفة في العلوم الاجتماعية والإنسانية"، والندوة الدولية والملتقى الدولي: "البحوث الناشئة في العلوم الاجتماعية والإنسانية: الواقع والتحدّيات" مداخلة مدير المركز عمار منعة الذي قدم عدد المشاركين البالغ 288 باحث من بينهم 68 من مختلف دول العالم في 68 جلسة نقاشية. تناول البروفيسور حسان رمعون وضع البحوث في العلوم الاجتماعية والانسانية ووجود برايدغما جديدة في الحقل الأكاديمي وتقدم البحوث العلمية. كما عرفت الجلسة مداخلات أخرى للباحث مصطفى مجاهدي حول الهجرة غير الشرعية وفؤاد صوفي حول الذاكرة والتاريخ والباحث مارك تسلير من الولايات المتحدة الأمريكية حول البرومتر العربي حول قضايا الديمقراطية والإسلام والكندر الاجتماعي والمساواة بين الجنسين ومحاضرة أخرى حول الدراسات المغاربية بفرنسا من خلال دراسة لكل الأطروحات منذ 1962 لغاية اليوم المدونة في "كتاب أبيض" وانتهى الملتقى أمس بتقديم عروض وتوصيات لكل الورشات.