+ -

أعاد انتخاب محمد أمين مسلوق رئيسا لرابطة كرة القدم المحترفة، الجدل حول قانون التنافي، وبدا التساؤل، من جديد، عن السند القانوني الذي يسمح لرئيس الرابطة الجمع بين وظيفتين انتخابيتين، أكثر من مشروع، لتواجد اسم مسلوق ضمن القائمة الاسمية للمترشح الوحيد لرئاسة "الفاف"، وليد صادي، في الانتخابات المقبلة.

 ولأن قضية الجمع بين المناصب الانتخابية يفصل فيها المرسوم التنفيذي 21/60 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 15/340، فإن بقاء عدد من المنتخبين في مكتب صادي، خلال العهدة الأولمبية المنقضية، واحتفاظهم بوظائفهم الانتخابية على مستوى الرابطات، يفرض قسرا وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بحالة التنافي التي لاحقت المنتخَبين في المكاتب السابقة لـ"الفاف" وجعلتهم تحت أضواء الإعلام والرأي العام، لرفض العديد منهم الاحتفاظ بوظيفة انتخابية واحدة.

 وعلى اعتبار أن الوضع لم يتغير حتى بعد "تشديد الإجراءات" بشأن حالات التنافي، بموجب أحكام المرسوم التنفيذي 21/60 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 15/340، فقد وجب قطع الشك باليقين والخوض في تفاصيل "حالات التنافي"، من خلال العودة إلى "الأصل"، وهو قانون الرياضات 13/05، وتحديدا، في المادة 62 منه، حتى نسلط الضوء على ما أقره المشرّع بشكل عام، وما تبعه من نصوص تطبيقية.

 

 اختلاف بين قانون الرياضات والنصوص التطبيقية

 

وعند قراءة أحكام المادة 62 من قانون الرياضات، ندرك أن المشرّع لم يمنع إطلاقا، في قضية التنافي، الجمع بين الوظائف الانتخابية، إنما حدد حالات التنافي "بعدم الجمع بين وظائف تنفيذية ووظائف انتخابية من جهة، وبين المسؤولية الإدارية في مؤسسات الدولة التابعة لوزارة الرياضة التي تمنح للمعني سلطة القرار، من جهة أخرى". وبناء على وضوح المادة 62، فإن تسويق حالات التنافي، من خلال المراسيم التنفيذية على أنها تتعلق بالمنع من الجمع بين وظيفتين انتخابيتين خاطئ ولا علاقة له أصلا بأحكام المادة الصريحة من قانون الرياضات، بينما حمل المرسوم التنفيذي 21/60 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 15/340 معنى آخر مخالفا للمادة 62 من قانون الرياضات 13/05، بجعل حالات التنافي تتعلق بعدم الجمع بين المسؤولية الانتخابية والتنفيذية (من جهة) وبين المسؤولية الإدارية، ليس على مستوى مؤسسات الدولة التابعة لوزارة الرياضة التي تمنح للمعني سلطة القرار، وإنما للمسؤولية على مستوى هياكل التنظيم والتنشيط الرياضية، وكان ذلك بداية الخطأ.

 وحين تم صياغة مواد المرسوم التنفيذي، الأول والثاني، تم ارتكاب خطأ آخر من خلال "التحول" من مفهوم "المسؤولية الإدارية" إلى "المسؤولية الانتخابية" على مستوى هياكل التنظيم والتنشيط الرياضية، ليستقر "المفهوم" المخالف لأحكام المادة 62 من قانون الرياضات، لدى الإعلام والرأي العام، على أنه منع من الجمع بين وظيفتين انتخابيتين.

 وحين ندقق أكثر في مواد المرسوم التنفيذي "الخاطئ" أساسا، ونركز أكثر على المصطلحات، نقتنع بأن حتى الصياغة لم تؤد لذلك "المفهوم الخاطئ" لمعنى حالات التنافي، كون المادة 3 من المرسوم التنفيذي 21/60 تنص على ما يلي: "المعنيون بحالات التنافي المقررة في المادة الأولى أعلاه هم: أصحاب الوظيفة الانتخابية كرئيس أو كعضو منتخَب للمكتب التنفيذي للاتحادية أو الرابطة أو النادي أو الجمعية الرياضية مع "الوظيفة المذكورة" على مستوى هياكل التنظيم والتنشيط الرياضية لنفس الاختصاص الرياضي أو لاختصاص رياضي آخر".

 ولأن المادة حملت عبارة "الوظيفة المذكورة" وليس "الوظائف المذكورة" ولا حتى "الوظائف الانتخابية"، فذلك يعني قسرا بأن الجمع بين الوظيفة الانتخابية كرئيس وبين الوظيفة الانتخابية كعضو لا يعتبر حالة تناف، بدليل ما ورد في أحكام المادة 3 أيضا، في الفقرة الموالية للمرسوم التنفيذي 15/340 والتي تنص على ما يلي: المعنيون بحالات التنافي المقررة في المادة الأولى أعلاه هم: أصحاب الوظيفة التنفيذية كمدير تقني أو كمدير منهجي أو كمدرب على مستوى الاتحادية الرياضية أو الرابطة أو النادي الرياضي مع "وظائف انتخابية" كرئيس أو عضو منتخَب للمكتب على مستوى هياكل التنظيم والتنشيط لنفس الاختصاص الرياضي أو لاختصاص رياضي آخر".

 

الفرق بين "الوظيفة المذكورة" و"الوظائف الانتخابية"

 

 وعليه، فإن استعمال المشرّع، في الفقرة الأولى لعبارة "الوظيفة المذكورة"، واستعماله في الفقرة الثانية لعبارة "الوظائف الانتخابية"، يجعلنا ندرك الفرق الجوهري بين العبارتين، ففي المرة الأولى كانت أكثر دقة، وحصر حالات التنافي بين الوظائف الانتخابية بنفس المنصب، أي وظيفتين انتخابيتين كرئيس، أو وظيفيتين انتخابيتين كعضو منتخَب على مستوى الاتحادات أو الرابطات أو الأندية أو الجمعيات الرياضية لنفس الاختصاص الرياضي أو لاختصاص رياضي آخر، بينما استعمل المشرّع، في الفقرة الثانية عبارة "شاملة" على كل الوظائف الانتخابية التي يقع فيها صاحب المسؤولية التنفيذية تحت طائلة التنافي.

 وحتى إن كانت المقارنة بين أحكام المادة 62 من قانون الرياضات، وأحكام المرسومين التنفيذيين تجعلنا نقتنع بأن المشرّع حاد، عند صياغة المرسوم التنفيذي، عن طرح قانون الرياضات فيما يتعلق بتحديد حالات التنافي، فإن المرسوم التنفيذي، سواء الأول أو الثاني، لم يمنع صراحة على المعنيين الجمع بين وظيفتين انتخابيتين، في نفس الاختصاص الرياضي أو في اختصاص رياضي آخر، ما لم يكن الجمع يتعلق بنفس المنصب (مثلا رئيس اتحادية ورابطة في نفس الوقت، أو عضو مكتب تنفيذي لاتحادية أو رابطة في نفس الوقت)، ما يجعل أي اسم في قائمة وليد صادي، وزير الرياضة والمترشح لخلافة نفسه على رأس الفاف، في منأى عن حالات التنافي، إلا الأعضاء الذين ترشحوا في قائمته لعضوية المكتب التنفيذي للفاف، وهم أعضاء منتخَبون على مستوى رابطات أو أندية أو جمعيات رياضية.

 

 مسلوق في منأى عن حالات التنافي

 

أما بشأن محمد أمين مسلوق، الرئيس المنتخَب لرابطة كرة القدم المحترفة، فإن جزئية صغيرة مستحدثة على مستوى القانون الأساسي الجديد للاتحادية الذي تم إعداده على أساس أحكام القانون الأساسي النموذجي للفيفا، تجعله، هو أيضا، في منأى عن حالة التنافي، كون منصب "نائب الرئيس"، الذي سيحصل عليه بتزكية من الجمعية العامة للفاف، غير مدرج في قانون الرياضات ولا في المراسيم التنفيذية، وحتى وإن تم اعتبار مسلوق "عضوا" في المكتب التنفيذي للفاف، فإن انتخابه كرئيس للرابطة لا يجعله أمام حالة تناف، على اعتبار أن المادة 3 من المرسوم التنفيذي 21/60، تحدد حالات التنافي للوظائف الانتخابية بدقة، وتحصرها في نفس المنصب، فيما يعتبر مسلوق، في وظيفته الانتخابية الأولى، رئيسا لرابطة كرة القدم المحترفة، وفي وظيفته الثانية، نائبا لرئيس "الفاف"، أو على الأقل عضوا في المكتب التنفيذي، وفي الحالتين، فهو ليس رئيس الفاف والرابطة في نفس الوقت.

 

 مبدأ سُمُوّ القوانين يحمي صادي

 

أما بالنسبة لوليد صادي، الذي يجمع بين مسؤولية انتخابية (رئيس الفاف) وبين المسؤولية الإدارية على مستوى الوزارة (وزير الرياضة)، فإنه أيضا في منأى عن حالات التنافي لسببين مهمين.

 أما السبب الأول، فيتعلق أصلا بأحكام المرسوم التنفيذي 21/60، الذي يحدد صراحة حالات التنافي، وتحديدا في المادة الرابعة التي تقر بأن حالة التنافي التي تخص "الحاصلين على رتبة أو منصب سام يُقرّه القانون الأساسي الخاص لموظفي الإدارة المكلفة بالشباب والرياضة، تتعلق بالموظفين المُعيّنين في منصب سام كمفتش منسق أو ملحق بلدي للرياضات"، بمعنى أن المادة لم تحدد صراحة منصب الوزير ضمن حالات التنافي. أما السبب الثاني، وهو الأهم، فإن حالات التنافي تحددها أحكام ضمن مرسوم تنفيذي، بينما تم تعيين وليد صادي كوزير للرياضة بمرسوم رئاسي، واستنادا إلى مبدأ سمو القوانين، لا يمكن لأحكام مرسوم تنفيذي موقع من الوزير الأول أن تقع على مرسوم رئاسي.

 وعلى ضوء التعقيدات ودقة المصطلحات في القوانين الرياضية، وابتعاد أحكام النصوص التطبيقية عن طرح قانون الرياضات (وهو الأصل)، فقد وجب إعادة نظر شاملة في كل القوانين وتخليصها من التعقيدات والممنوعات، وجعلها قوانين بنصوص تطبيقية موحدة وواضحة تضمن المبادرة في العمل التطوعي في المجال الرياضي، مع الحرص على أفضل مراقبة مالية لكل هياكل التنظيم والتنشيط الرياضية، ومتابعة للمسيرين فيما يتعلق بمدى احترام هؤلاء لقوانين الجمهورية.