الفحوصات الطبية الدورية ليست من ثقافة الجزائري

+ -

يتعمّد الكثير من الجزائريين تجاهل الفحص الطبي السنوي، إذ أن زيارة الطبيب غالبا ما تكون آخر اهتماماتهم، مع زحمة الحياة وتعقّد اليوميات بفعل الالتزامات المفروضة في العمل والمنزل، رغم أن المفروض ونظرا للضغوطات التي نحياها يوميا، أن يخصّص كل منا قليلا من وقته لإجراء الفحص البدني السنوي، حتى لو لم تكن لديه أي أعراض مرضية.

في الوقت الذي تحرص غالبية الناس عبر مختلف الدول المتقدمة خاصة مع تقدمهم في السن، على إجراء تحاليل طبية بصفة دورية من باب الوقاية والسعي للكشف المبكر لأي مرض، وبالتالي التكفل به بصفة تضمن فعالية العلاج، يهمل الجزائري هذه المسألة تماما رغم كونها خطوة وقائية، حيث لا يسعى لإجراء تحاليله على العموم إلا بعد استفحال الداء في جسده والذي قد يكون خبيثا في أحيان كثيرة.

علما أن أهمية التحاليل الطبية على اختلاف أنواعها، تكمن في أنها تعطي مؤشرات أساسية تكشف عن وجود أمراض أو اضطرابات في الوظائف الحيوية والعضوية للجسم، وتدعمها الصور الإشعاعية التي تساهم في توضيح مسهب لغالبية الإصابات والأمراض.

وعن أنواعها وأهمية كل تحليل على حدة، أكد لنا الدكتور لعرابي محمد الصالح أنها كثيرة، تتقدمها تحاليل الدم التي تقدم صورة كاملة عن كريات الدم، بما فيها كريات الدم البيضاء بأنواعها، والتي تكشف عن وجود التهابات في الجسم أو مؤشر عن وجود أمراض دم وراثية، ناهيك عن الصفائح الدموية التي يعتبر أي خلل فيها مؤشرا لاضطرابات النزيف وعمليات التخثر ونسبة الهيموغلوبين بالدم والتي تؤدي في حالة انخفاضها إلى الإصابة بمرض فقر الدم، ويشار إلى أنه من شأن حجم كرات الدم الحمراء، أن يعطينا فكرة واضحة عما إذا كان هناك نقص في الحديد أو احتمال الإصابة بداء التلاسيميا، وهو أحد أمراض الدم الوراثية.

أما عن تحليل البول الذي عادة ما يطلبه الطبيب، فيفيد في الكشف عن الأمراض التي تكون أعراضها غير واضحة سواء في بدايتها أو خلال تطورها، ومنها داء السكري، حيث إن وجود السكر في البول دليل على ارتفاع نسبته في الدم، إلى جانب التهاب الكلى والمسالك البولية المزمنة وحصى الكلى.

ومن التحاليل الهامة نذكر كذلك ما يطلق عليه بفحوصات الدهنيات، التي تتولى الكشف عن مستوى الكولسترول في الدم والدهون الثلاثية، حيث إن الارتفاع الشديد في هذه الدهون يؤدي إلى عديد الأمراض منها أمراض القلب والسكتات الدماغية والتهابات البنكرياس، مما يوجب قياس مستوى الكولسترول والدهون الثلاثية دوريا للوقاية من هذه الأمراض وغيرها.

من جهتها، تعتبر الأشعة اختبارا سريعا يعطي صورا للبنية الموجودة داخل الجسم وتستخدم تكنولوجيا الأشعة السينية لفحص الكثير من الأجزاء في الجسم، مثل العظام والأسنان، حيث تعطي تفصيلا عن الكسور والالتهابات، وفي معظم الحالات تظهر الكسور والالتهابات في العظام والأسنان بوضوح في الأشعة السينية، كما تكشف ذات الأشعة عن التهابات المفاصل وتحدد مدى تطورها، ناهيك عن تشخيصها لهشاشة العظام وكذا للأورام التي تصيب العظام.

وتبقى الفحوصات السرطانية المتخصصة والتي لا يمكن إدراجها ضمن الفحوصات الروتينية، من الأمور الطبية المتعلقة بالفحص السريري للمريض، والتي تعتمد كذلك على فحص الدم، حيث إن الأورام التي يمكن الكشف عنها من خلال فحص الدم ممثلة في سرطان الدم والكبد، سرطان القولون والمعدة، سرطان الثدي والبروستاتا وسرطانات أخرى، لكن ورغم أهمية كل أنواع التحاليل والفحوصات والأشعة الطبية، تهملها غالبية الجزائريين لسبب أو لآخر، ولا تحرص على إجرائها بصفة دورية، ما ساهم في تفاقم مختلف الأمراض وانتشارها.