20 سنة سجنا في حق أفراد عصابة "الكوفر فور" بعنابة

38serv

+ -

أدانت محكمة الجنايات بمجلس قضاء عنابة، عشية أمس، في واحدة من أبرز القضايا المبرمجة للفصل فيها خلال الدورة الجنائية، بـ20 سنة سجنا نافذا، في حق عنصرين من أفراد شبكة إجرامية منظمة مختصة في السطو والاستيلاء على الخزائن الحديدية "كوفر فور"، تحتوي على أموال باهظة ومعادن نفيسة تابعة للعديد من المؤسسات العمومية والخاصة وشخصيات ورجال المال، يقيمون عبر كامل إقليم الوطن.

تعود تفاصيل القضية إلى منتصف سنة 2024، حينما تلقت مصالح الدرك الوطني للمجموعة الإقليمية لولاية عنابة، بلاغات وإخطارات من طرف العديد من مسؤولي مؤسسات عمومية وخاصة ورجال المال، ينشطون بولاية عنابة، تعرضت مؤسساتهم ومنازلهم، إلى عمليات سرقة، شملت الخزائن الحديدية "كوفر فور" والسطو على مبالغ مالية هامة تقدر بالملايير.

تحريات مصالح الدرك الوطني، والمتابعة والرصد المستمر لبعض المشتبه فيهم، مكنت من تحديد هوية 16 فردا، أثبتت التحقيقات انخراطهم ضمن عناصر هذه الشبكة الإجرامية الخطيرة، التي تعتمد على طرق ووسائل إجرامية جديدة ومحترفة، للاستيلاء على أموال هذه الشركات العمومية والخاصة وبعض رجال المال والشخصيات المحلية، مما مكن أفرادها من تنفيذ سلسلة من عمليات السطو والسرقة دون ترك أدلة، وذلك عن طريق قطع التيار الكهربائي عن المؤسسات المراد اقتحامها، مع احتجاز أعوان الحراسة داخل غرفة وتكبيل أيديهم وأرجلهم، في حين يستولون على الخزانات الفولاذية ونقلها عبر مركبات إلى وجهات مجهولة.

وأظهرت التحقيقات قيام مجموعة أخرى من أفراد هذه الشبكة، بالتخطيط والتنفيذ لمهمة تحطيم كاميرات المراقبة وإتلاف أشرطة الفيديو المسجلة لتفاصيل عمليات السطو، من أجل منع وصول التسجيلات إلى عناصر الأمن.

وكانت آخر عملية سطو، التي تم من خلالها تتبع وتوقيف عناصر هذه الشبكة الإجرامية، تمت بداية السنة الماضية، وبالتحديد يوم العاشر جانفي 2024، حينما تلقت عناصر الدرك الوطني، التابعة للفرقة الإقليمية بالحجار، مكالمة هاتفية على الساعة الثالثة صباحا، من طرف عون أمن تابع لشركة خاصة لبيع المواد الفولاذية على مستوى المنطقة الصناعية، مفادها تعرض مستودع الشركة إلى السرقة، حسب تصريحات عون الحراسة، الذي صرح بأنه شاهد وجود تحركات مشبوهة لأربعة ملثمين داخل أسوار المؤسسة، حيث قاموا بسرقة خزانة فولاذية مصفحة "كوفر فور"، ونقلها باستخدام مركبة نقل البضائع التابعة للشركة، التي تم العثور عليها على بعد كيلومترين من مكان وقوع السرقة، وعند سماع صاحب المؤسسة، صرح بأن المبلغ المالي الموجود داخل الخزنة الحديدية محل السرقة قدره 586 مليون سنتيم.

هذه المعطيات التي حصل عليها أفراد الدرك الوطني، من خلال تتبع مراحل وسلسلة السرقات والسطو على العديد من المؤسسات العمومية والخاصة، وبالتنسيق مع مختلف الوحدات التي عاينت قضايا مماثلة وقعت عبر العديد من المناطق، تبين أن جميع الجرائم المرتكبة تمت بنفس الطريقة باستعمال نفس الأساليب من طرف أفراد عصابة إجرامية مختصة في سرقة الشركات الاقتصادية، وتركز على الاستيلاء على الخزائن الفولاذية والمبالغ المالية المتواجدة بها بانتهاج أساليب محترفة يعتمدون خلالها على قطع التيار الكهربائي على الشركات، واحتجاز الحراس ووضعهم في مراكز المراقبة الخاصة بالشركات، وتعيين عناصر لمراقبتهم إلى غاية إتمام المهمة، بالإضافة إلى استعمالهم في أغلب العمليات لأقنعة تمويه وقفازات لطمس وإخفاء البصمات، بالإضافة إلى تعمدهم تحطيم أجهزة المراقبة والكاميرات بغرض طمس آثار الجريمة.

ولفك لغز هذه العصابة الإجرامية، وضعت قيادة الدرك الوطني فرقة مختصة مهمتها جمع المعلومات حول الأشخاص المتورطين في قضايا مماثلة، وهم محل أحكام قضائية أو متابعات أو مبحوث عنهم في قضايا ذات صلة، إذ تم وضع خطة عمل اعتمادا على عنصر الإعلام والتحري، وفي يوم العاشر فيفري 2024، تمّ توقيف سيارة فاخرة، كانت محل تتبع منذ فترة، وعلى متنها عدة مشتبه فيهم، من بينهم شخص كان ينتحل هوية مزورة، تبين أنه كان محل بحث من طرف فصيلة الأبحاث للدرك الوطني ببئر مراد رايس بالجزائر العاصمة، لتورطه في عملية سطو مسلح على محل مجوهرات، واستغلالا لهواتف المشتبه فيهم، تم التعرف على معظم عناصر الشبكة وامتداداتها، والتي كانت تستعين بالعنصر المتورط في السطو على محل المجوهرات لإخفاء العائدات الإجرامية.

تحقيقات مصالح الدرك الوطني، مع المشتبه فيهم، مكنت من الوصول إلى الطريقة والكيفية التي كان يعتمد عليها عناصر هذه الشبكة لتنفيذ جرائمهم، بداية بتكليف بعض العناصر بقيادة وتنفيذ العمليات الميدانية، بمساعدة باقي أفراد العصابة، ويتم اقتسام الأدوار بطريقة احترافية، منها الاعتماد على شخص يقوم بفتح الخزائن الفولاذية، بحكم خبرته في مجال التلحيم، وعنصر آخر مكلف بالاقتحام وتوقيف الأشخاص، كونه متمكنا في تقنيات التوقيف، بحكم عمله السابق في سلك الأمن، فيما يكمن عمل عنصر آخر في جمع المعلومات حول المؤسسات والشركات المراد سرقتها مسبقا قبل تنفيذ عملية السرقة، في حين يتولى آخرون مهمة استحضار وسائل النقل وحمل الخزائن الفولاذية إلى أماكن إخفائها بعدة مناطق بولاية عنابة، وعبر مختلف ولايات الوطن، واستحوذوا من خلالها على الملايير، من بينها عملية نفذها أفراد هذه العصابة بالجزائر العاصمة، وتمكنهم من السطو المسلح على منزل شخصيات مرموقة، والاستيلاء على مبلغ مالي يفوق سبعة ملايير سنتيم، حيث كشفت التحقيقات الأمنية، استعمال هؤلاء المتورطين في القضية لبدلات خاصة بمصالح الأمن مع حيازتهم على أسلحة نارية ومسدسات، كما استولوا على مبلغ مليار و800 مليون سنتيم من محطة بنزين، ومبالغ مالية هامة وشيكات ووثائق بنكية وعقود وأختام وغيرها من الأغراض ملك للعديد من الشركات.