+ -

تشهد فرنسا تدهورا اقتصاديا واجتماعيا متسارعا، حيث تكشف الأرقام والإحصائيات الأخيرة عن تحديات كبيرة تواجه قطاعات مختلفة، بدءًا من فقدان الوظائف وزيادة إخفاقات الأعمال، إلى تباطؤ نمو قطاع السلع الفاخرة وارتفاع معدلات البطالة. هذه المؤشرات تضع البلاد في مواجهة مع أزمات هيكلية تهدد استقرارها الاقتصادي والاجتماعي.و يعتقد واحد من كل فرنسيين أن الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد أمر خطير لدرجة أن هناك مخاطر إفلاس الدولة ، حيث تصبح غير قادرة على سداد الديون (وفوائدها).

 

فقدان الوظائف وانهيار الأعمال: أرقام صادمة

 

وفقا لدراسة أجراها مرصد التوظيف لأصحاب المشاريع، ونُشرت في 10 مارس الماضي، فقدَ ما لا يقل عن 60852 مديرا وظائفهم في عام 2024، بزيادة قدرها 18% مقارنة بعام 2023. هذه الزيادة المقلقة قد تتفاقم بحلول عام 2025، خاصة مع استمرار ارتفاع حالات إخفاق الأعمال.

القطاعات الأكثر تضررا تشمل البناء (+23.7%)، والوكالات العقارية (+34.7%)، والنقل والخدمات اللوجستية (+29.3%). هذه القطاعات، التي تعتمد بشكل كبير على الظروف الاقتصادية والجيوسياسية، تعاني من انخفاض الدعم الحكومي بعد انتهاء تدابير المساعدة التي تم تطبيقها خلال جائحة كوفيد19.

 

وتم تسجيل في عام 2024، أكثر من 67830 إجراءً جماعيا (مثل عمليات التسوية والتصفيات والإجراءات القضائية)، بزيادة قدرها 17% عن العام السابق. من بين هذه الحالات، أدى 46640 إجراءً إلى اختفاء شركات بشكل كامل، مما تسبب في فقدان الوظائف وزيادة معدلات البطالة.

 

الشركات الصغيرة: الأكثر هشاشة

 

تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة تلك التي توظف أقل من ثلاثة موظفين، الأكثر عرضة للإخفاق. وتمثل هذه الشركات ثلاثة أرباع حالات الإخفاق في الربع الثاني من العام. وعلى الرغم من أن إغلاق هذه الشركات غالبا ما يمر دون أن يلاحظه أحد بسبب قلة عدد الموظفين، إلا أن آثارها السلبية تمتد إلى الموردين والعملاء، مما يخلق تأثيرًا يعمل ككرة ثلجية ويهدد استقرار الاقتصاد الفرنسي.

 

قطاع السلع الفاخرة: نهاية النشوة

 

بعد سنوات من النمو المتسارع، يواجه قطاع السلع الفاخرة تباطؤًا حادا في نموه، بل وحتى انخفاضا في حجم مبيعاته. في عام 2024، شهدت مبيعات السلع الفاخرة انخفاضا لأول مرة منذ عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية. ويعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل، منها تباطؤ النمو في الأسواق الآسيوية، وانخفاض القوة الشرائية للطبقة الوسطى، والتغيرات في تفضيلات المستهلكين. ووفقاً لمؤشر "بلومبرغ للمليارديرات" ، كانت الشركات العملاقة التي يديرونها، مثل "إل في إم إتش" (LVMH) و"لوريال" (L’Oréal SA) و"كيرينغ" (Kering SA)، من بين أكبر الخاسرين في البورصة الفرنسية، حيث تراجعت قيمة أسهم "كيرينغ"، المالكة لعلامة "غوتشي"، بنسبة 41%.

 

ويواجه أثرياء فرنسا أكبر خسارة في تاريخهم بسبب تراجع السلع الفاخرة. فأمثال برنارد أرنو، فرانسواز بيتنكور مايرز، وفرانسوا بينو تكبدوا خسائر تُقدر بحوالي 70 مليار دولار من ثرواتهم الإجمالية في 2024.

 

وشهدت شركات كبرى مثل LVMH وKering وBurberry وHugo Boss انخفاضا كبيرا في قيمتها السوقية. على سبيل المثال، خسرت LVMH، التي تمتلك 75 علامة تجارية بما في ذلك Louis Vuitton، أكثر من 15% من قيمتها السوقية خلال عام، بينما خسرت Kering، مالكة Gucci وSaint-Laurent، ما يقرب من 50%. الوحيد الذي استطاع الحفاظ على أدائه هو هيرميسHermes، الذي يتمتع بموقع فريد في سوق السلع الفاخرة الفائقة.

 

التضخم والفقر: تحديات اجتماعية متصاعدة

 

تواجه فرنسا أيضا تحديات اجتماعية كبيرة، حيث يعتبر التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة من أكثر القضايا إلحاحا وفقا لاستطلاعات الرأي. حوالي 58% من الفرنسيين يعتبرون التضخم أولوية قصوى، يليها الفقر (45%)، ثم الوضع الاقتصادي العام للبلاد (41%). هذه المؤشرات تعكس القلق المتزايد لدى المواطنين بشأن المستقبل الاقتصادي.

 

العجز المزدوج: تحديات هيكلية

 

تعاني فرنسا من "مرض" العجز المزدوج: عجز خارجي يستنفد موارد البلاد، وعجز عام ضخم ناتج عن الإنفاق الاجتماعي المرتفع، والذي يمثل 33.5% من الناتج المحلي الإجمالي، أي أعلى بسبع نقاط من متوسط الإنفاق الاجتماعي في دول منطقة اليورو. هذا العجز يزيد من الضغوط على الموارد المالية العامة، ويحد من قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية.

 

مستقبل قاتم: توقعات مرعبة

 

بحسب المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية (OFCE)، من المتوقع أن يتم فقدان حوالي 150000 وظيفة في الأشهر المقبلة، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 8% بحلول نهاية عام 2025. هذه التوقعات تعكس فشل السياسات الاقتصادية الحالية في معالجة المشكلات الهيكلية للاقتصاد الفرنسي، والتي تم إخفاؤها لفترة طويلة من خلال الديون الكبيرة والنمو المصطنع.

 

الوضع الاقتصادي في فرنسا يزداد قتامة، مع تزايد التحديات التي تواجه قطاعات مختلفة وارتفاع معدلات البطالة والفقر. بدون إصلاحات هيكلية جذرية، قد تواجه البلاد أزمات اقتصادية واجتماعية أكثر حدة في السنوات المقبلة. إنها نهاية قاتمة لعام 2024، تضع فرنسا في مفترق طرق يتطلب قرارات صعبة وجريئة لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار.

 

وبالنظر إلى الأزمة الحادة الحالية بين الجزائر وباريس نفهم بسهولة أن قضية انحياز فرنسا لطرح المغرب في مسألة الصحراء الغربية، المطروحة أمميا كقضية تصفية استعمار، وقضية الكاتب بوعلام صنصال المتواجد رهن الحبس المؤقت بالجزائر على خلفية متابعة جزائية وتركيز اليمين و اليمين المتطرف بمباركة "ماكرونية" على ترحيل المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، ما هي في الحقيقة إلا ذرائع ومحاولات يائسة لإخفاء هذا المستقبل القاتم الذي ينتظر الفرنسيين وأن الهجوم المتواصل على الجزائر،  يخدم فقط اللوبيات التي جعلت من الجزائر الشماعة التي تعلق عليها كل اخفقاتها الاقتصادية والاجتماعية وهي على وشك حدوث انفجار اجتماعي يفوق ما عرفته مع  حركة السترات الصفراءومن المرجح أن يزداد الوضع سوءاً.

كلمات دلالية: