"الحكومة ملزمة بالتحرك بسرعة وإلا ستكون في مأزق"

+ -

 قال المحلل السياسي التونسي، الجمعي قاسمي، إنه لا يمكن التشكيك في قرار الإلغاء الصادر عن المحكمة الإدارية، لوجود ثغرات قانونية متعلقة بعدم مصادقة البرلمان على الأوراق عند رفع قضية مصادرة أملاك بن علي، وحمّل، في حوار مع “الخبر”، مسؤولية ما حدث للترويكا الحاكمة وقتها، التي تاهت في قضايا ثانوية عوض الجوهرية، دون قصد.صدر قرار إلغاء المرسوم الرئاسي القاضي بمصادرة أملاك الرئيس المخلوع بن علي وأقاربه، ألا تعتقد أن ذلك سيكون منعرجا خطيرا قد يمس بالثورة التونسية؟ هو قرار صدر عن المحكمة الإدارية المستقلة التي أثبتت استقلاليتها حتى في فترة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، ولا يمكن لأحد التشكيك في القرار من الناحية القانونية، والقضاء له مبرراته في اتخاذ مثل هذا القرار، خاصة في ظل وجود ثغرة قانونية حددتها المحكمة الإدارية في كون المرسوم المتعلق بالمصادرة لم تتم المصادقة عليه من قبل البرلمان.رغم هذا أعتقد أن الدولة معنية بالاستئناف عملا بأحكام الفصل 64 من قانون المحكمة الإدارية لأنه حكم ابتدائي، فتنفيذه يحمل العديد من المدلولات السياسية وجملة من الانعكاسات الاقتصادية. سياسيا سيفهم المواطن العادي أن كل ما قام به منذ سنة 2011 ذهب سدى، خاصة فيما تعلق بمسألة الفساد واسترجاع الأموال التي يُعتقد أنها نهبت من المال العام، أما اقتصاديا فالأمر سيكلف خزينة الدولة خسائر بآلاف المليارات، على اعتبار أنها ستجد نفسها مضطرة لتعويض الأشخاص الذين شملتهم قرارات المصادرة، وعليه فإن التداعيات ستكون كبيرة وخطيرة. الدولة ليس لها خيار آخر غير التحرك بسرعة والاستئناف، وإلا ستكون في مأزق حقيقي.وماذا عن الشارع التونسي بعد صدور قرار الإلغاء؟ تعم حالة من الاستياء ويرجح التفاعل مع الأمر أكثر، ودون استباق للأوضاع. الحكومة مازال أمامها فرصة لتدارك الأمر، فقانون المصادرة نال ثقة رجل الشارع العادي والأحزاب السياسية آنذاك، ويبدو أن الثغرة ستعيد فتحه من جديد.عند رفع قضية المصادرة من قبل الترويكا التي كانت هي السلطة الحاكمة، قيل وقتها إن القائمة ستتوسع لتشمل العديد من الأسماء، إلا أنها توقفت عند هذا الحد، وأتى الأمر بعد إجماع لدى الأوساط السياسية بضرورة وضع خطة مكافحة الفساد، واسترجاع الأموال التي أخذها أصحابها دون وجه حق، والمتأتية، حسبهم، من المحسوبية وجهات مشبوهة، فوضعت الترويكا يدها على العديد من الحسابات البنكية مازالت مجمدة، وباعت أسهما وشركات ورفعت قضايا أخرى مازالت قائمة.اليوم، القرار يبطل كل تلك الإجراءات، وهنا تكمن الخطورة، وسيبدو أن كل ما قامت به السلطة منذ إسقاط بن علي، والشعارات التي رفعتها من محاربة للفساد والعدل في توزيع الممتلكات وغيرها، مجرد شعارات تسقط في الماء و”كأنك يا بوزيد ما غزيت” كما يقول المثل، كما سيقرأ ذلك على أنه بمثابة العودة إلى المربع الأول ومنظومة الفساد.من يتحمل مسؤولية الثغرة القانونية التي حملها المرسوم الرئاسي؟ كانت هناك مؤسسات وقضاء دولة، وكان لابد من استشارته لسد الثغرات، خاصة أن الترويكا كانت تحارب منظومة فساد لها خبرة، إلا أن سقف الشعارات المرفوعة كان عاليا، دون إلمام وإدراك بكافة الجوانب القانونية، جراء انعدام الخبرة لدى الترويكا الحاكمة وقتذاك، فكثرة الملفات المطروحة جعلت الأخيرة تتيه في قضايا ثانوية أكثر من القضايا الجوهرية، وتغافلت عن مثل هذا الإجراء القانوني عن غير قصد، في غمرة المناخ العام الذي كان سائدا، خاصة أن المجلس التأسيسي كانت أمامه العديد من الملفات، حيث كان الدخول في صراع الهوية على حساب أمور الدولة والمؤسسات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: