+ -

 يرى اللواء المتقاعد من الجيش، عبد العزيز مجاهد، أن مكافحة آفة الإرهاب تبدأ من المواطن الذي عليه أن يقتنع بأنها عدو لكل المجتمع، إذ هو المعني رقم واحد بعملية المكافحة، قبل أي عمل أمني. ويؤكد اللواء مجاهد في اتصال مع “الخبر”، على أن العمل الإرهابي يستمد قوته من الصدى الإعلامي، ويوظفه لزرع الشك في القدرة على هزمه ودحره.أكثر من 20 سنة والجزائر تحارب الإرهاب، من أين يستمد استمراريته؟ أنا أحبذ إعادة طرح السؤال بصيغة أخرى، متى يوقن الجزائريون بأن الإرهاب عدو الجميع؟ وإذا كانوا يعلمون ذلك ومقتنعون بذلك، فماذا فعلوا من أجل مكافحته؟ الجزائري الذي يصعد إلى الجبل ويحمل السلاح ويمارس القتل، لم يولد إرهابيا، فمن الذي جعله يتحول إلى مجرم ومن وجهه إلى ذلك؟ إذا أجاب كل مواطن في مجتمعنا على هذا السؤال، حينئذ نعرف ما الذي يطيل عمر هذه الآفة في بلادنا.هل تقصد أن مكافحة الإرهاب مسؤولية المجتمع أولا قبل قوات الأمن؟ رغم التضحيات التي دفعها الشعب الجزائري، طيلة السنوات الماضية، لاجتثاث هذه الآفة من أرضنا، إلا أن الكثير من العمل ينتظرنا. القضاء على الإرهاب يبدأ من الإعلام الذي من مهامه توعية الرأي العام، وأداء المعلم أو الأستاذ في مدرسته، مهامه على أكمل وجه بتحصين أبنائنا من الأفكار المسمومة.. مكافحة الإرهاب وكسر شوكته تعني أول ما تعني اضطلاع كل فرد في مجتمعنا بدوره، كأن يؤدي المنتخبون في البلديات والولايات والبرلمان الأمانة على أكمل وجه، ويقومون بواجباتهم على النحو الذي يحقق للمواطنين تطلعاتهم.. وعلى المفكرين والمثقفين والعلماء مسؤولية البحث عن البرامج والخطط الأنجع لمحاصرة هذه الآفة من الناحية الفكرية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية.  أنا أتحسر كثيرا عندما أسمع وأقرأ في وسائل الإعلام أسئلة حول سبب استمرار الإرهاب في ضرب الأمن وإزهاق أرواح المواطنين وعن مكمن قوته. الإرهابيون يتغذون من غياب الحراك الإيجابي داخل المجتمع، حراك يفضي إلى توعية الأفراد، ويدفع النخب القيادية والمؤسسات للقيام بالواجب تجاههم، طبقا لصلاحياتهم والمهام الموكلة إليهم.. لا أحد يولد إرهابيا، وإنما يتحول إلى إرهابي لأسباب على جميع مكونات المجتمع وفي كافة المستويات تحديدها بدقة، ومعالجتها كل حسب مسؤوليته وموقعه.من الناحية العسكرية، كيف يتم تنفيذ مثل هكذا اعتداءات رغم اليقظة التي يتحلى بها الجنود؟ لست ملما بكل المعطيات لإفادتكم بتحليل شاف حول ما وقع في عين الدفلى، ربما التحقيقات التي تقوم بها الجهات المختصة، هي التي ستميط اللثام على ما حدث واستخلاص الدروس. أنا لا أعتقد بوجود تراخ في صفوف جنودنا، قد يتعلق الأمر بخلل ما.. وعلينا الابتعاد عن العاطفة وتحكيم العقل والمنطق من أجل الحصول على إجابات شافية للتساؤلات التي تطرح حول ما حدث.المواطنون استنكروا الاعتداء ودلت على ذلك حملات تنديد على الفايسبوك وبيانات الأحزاب، كيف تؤثر مثل هذه الاعتداءات على المجتمع؟ تدخل هذه الاعتداءات في نطاق الحرب النفسية التي يعتمد عليها الإرهابيون لإضعاف الدفاعات وزرع الشك.. وبالتالي السعي للتمكن منها. لقد بينت التجربة أن الإرهاب يستمد قوته أيضا من الإعلام، لأنه كما قلت لك سلفا، بغرض ممارسة الحرب النفسية على المجتمع لبث الشك في نفسه ويقول للجميع أنا موجود لم أنته.برأيك، كيف تتم مواجهة هذه الحرب النفسية؟ التصدي لذلك يتم بالفعل وليس بواسطة ردود الفعل.. والجهة الفعالة في هذا الجانب هو المواطن قبل أي عمل أمني واستخباراتي. الإرهابيون لم يهبطوا من المريخ، هناك من سلحهم ودعمهم.. على المواطنين واجب محاسبة النفس والنقد الذاتي.. ماذا فعلنا لمواجهة هؤلاء المجرمين، من باب “من رأى منكم منكرا فليغيره”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: