خطاب سياسي مفلس وخرجات إعلامية وزارية تثير الدهشة

+ -

ليس من المبالغة القول إن الكثير من شواهد الواقع تؤكد إفلاس الخطاب السياسي في الجزائر شكلا ومضمونا، وذلك لكونه لا ينتج قيمة مضافة على المستوى العلمي والمعرفي، وهو عاجز تماما عن تعرية واقع المجتمع الجزائري وكشف تناقضاته، ولا يمتلك القدرة على استشراف مستقبله.الدكتور بوقشور محمد“إفلاس الخطاب نتيجة منطقية لتمييع العمل السياسي” يرى الدكتور بوقشور من جامعة محمد لمين دباغين- سطيف2 بأن إفلاس الخطاب السياسي هو نتيجة منطقية لتعويم الساحة السياسية وتمييع العمل السياسي، وكذا بؤس تمثلات أشباه الساسة لأدوارهم في المجتمع. ويمكن للمتتبع العادي لراهن الشأن السياسي في الجزائر أن يميز بين فئتين من ممارسي هذا الخطاب: “الأولى يستميت أبطالها في تأليه السلطان والتسبيح بحمده، أما الثانية فيتنافس القوم فيها على شيطنته. ولعل القاسم المشترك بين الجميع هو الابتعاد عن الصدق والمصداقية، فالكل على سبيل المثال يتحدث عن الديمقراطية باعتبارها الوصفة الشافية من كل الأمراض التي يعاني منها المجتمع، وأنها المفتاح السحري الذي تفتح به جميع الأبواب الموصدة. لكن الكل يتناسى أن الديمقراطية نفسها بحاجة إلى مفتاح يفك شفرتها. ولأن الديمقراطية، كما يؤكد جورج طرابيشي، هي بالأساس ظاهرة مجتمعية، ولا يمكنها أن تكون نظاما للحكم دون أن تكون نظاما للمجتمع، ولأن الديمقراطية هي في التحليل الأخير ثقافة ومنظومة قيم متضامنة، وهي بذرة قبل أن تكون ثمرة، فإن ثمن الجهد قد يكون مضاعفا عندما يتم استزراع بذرة الديمقراطية بالمثاقفة، أما بخصوص لغة هذا الخطاب في شقيها المنطوق والمكتوب فيتوجب بداية التأكيد على أن اللغة هي الميزة الأولى والأساسية التي تحدد هوية الإنسان”.ويسجل الأستاذ في هذا المقام طغيان الازدواجية اللغوية “الأمارة” على حد تعبير عالم الاجتماع التونسي محمود الذوادي. “هذه الازدواجية التي يتراجع فيها استعمال اللغة الوطنية لحساب لغة المحتل الفرنسي من قِبل الكثير من الفاعلين السياسيين، وبأسلوب فيه الكثير من الاستفزاز والتعجرف والتزلف، يرفع فيه شعار الحداثة وأصحابه مسكونون بثقافة القبيلة، يجلدون أنفسهم بسوطها، صباح مساء، ويمارسون طقوس الولاء دون خجل لمن كرس ثقافة فرّق تسد في أوساط الشعب الجزائري طيلة قرن وربع قرن من الاحتلال، وهو يعمل اليوم من خلالهم على ضمان استمرار هذه الثقافة”.وعليه يستخلص الأستاذ أنه لا بديل عن دور فاعل للنخب الوطنية، لأنها الوحيدة المؤهلة لإنتاج خطاب سياسي مستنير، ينتصر لـ«ثقافة الدولة”. وهنا يلح الأستاذ على دولة القانون والمؤسسات والحريات، وهي القادرة على ابتكار أنجع الأساليب والطرق لإيصال هذا الخطاب إلى الجماهير وتعبئتها للانخراط في المجهود الوطني من أجل تنمية شاملة ومستديمة. غير أن الأستاذ تساءل: “هل يتوفر المجتمع الجزائري اليوم فعلا على هذه النخب العالمة والعارفة؟ وإذا كانت موجودة هل هي مستعدة لتحمل مسؤوليتها التاريخية؟”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: