+ -

 لا يمكننا الحديث عن هجومات 20 أوت 1955 والمجازر التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي، دون العودة إلى اعترافات المجرم والسفاح بول أوساريس التي حملها كتابه، حيث يقدم فيه تفاصيل مقرفة عن تلك المجازر بعد مرور 55 سنة على ارتكابها، فيقول “قمنا بجمع الموتى المنتمين لجبهة التحرير المتواجدين في الشوارع، وفي الملعب البلدي كانت هناك 134 جثة مصطفة فوق أرضية الملعب، وتحت حراسة جنود من الكتيبة 18، أما الذين سقطوا في الأحراش فلم نعثر عليهم إلا بعد ذلك بأيام عن طريق الروائح الكريهة المنبعثة، لأننا كنا في عز شهر أوت، فقمنا باستعارة جرافة (الحفارة) وقمت بحفر حفرة تبلغ 100 متر طولا و2 متر عرضا و1 متر عمقا، وقمنا بدفن الجثث”.وعن الحصيلة الإجمالية لهذه المجزرة التي سجلت فيها مدينة سكيكدة فقط عبر مختلف أحيائها أكبر عدد قتلى من المدنيين العزل، حيث أقدمت القوات الفرنسية على إعدام 1500 جزائري من مختلف الأعمار بالرصاص، وتجميعهم في ملعب المدينة المذكور سابقا، ونستدل كذلك بشهادة لجندي فرنسي “شرعنا نطلق الرصاص على الجميع دون تفريق.. وكان قادتنا يحددون الأوامر باستهداف كل العرب الذين نلقاهم. وبعد عمليات كبيرة من القتل انتهى كل شيء، وكانت أعدادهم هائلة لدرجة أن نقلهم ودفنهم استوجب استعمال الجرافة”.وحددت اعترافات أوساريس التي أوردها في مذكراته، بعد 55 عاما على المجازر، أن العدد الإجمالي يقدر بـ135 جزائري، معظمهم من المدنيين، وأنهم قتلوا بالرصاص، وعملية التقتيل كانت عشوائية، وقال “كنا نقتل كل من نجده في طريقنا، وللأسف كان من بينهم الأطفال والنساء، وهذا يثبت أن العدد الحقيقي يتجاوز ما ذكر أضعافا مضاعفة، ويتقارب مع الإحصائيات الأجنبية”. وتكمن الأهمية التاريخية لهذه الاعترافات، كونها جاءت لرفع اللبس عن الادعاءات التي أطلقتها السلطات الفرنسية إبان الثورة التحريرية، بأن الضحايا سقطوا نتيجة الهجومات التي شنها الثوار يوم 20 أوت 1955.إن هذه المجزرة ما هي إلا عينة لعشرات المجازر التي ارتكبتها القوات الفرنسية عبر كامل الشمال القسنطيني، كمجزرة وادي الزناتي وعين عبيد والحروش.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: