الحكومة تستنفر شركاءها لمواجهة أزمة شبيهة بأزمة سنة86

+ -

برمجت حكومة سلال لقاءين تحضيرا للدخول الاجتماعي وأيضا لمواجهة تداعيات الأزمة النفطية، الأول يوم 26 أوت الجاري مع ولاة الجمهورية، والثاني في بداية أكتوبر مع أطراف الثلاثية (حكومة أرباب عمل)،وهي اللقاءات التي تأتي في ظرف اقتصادي جد صعب، جراء تهاوي أسعار البترول إلى مستويات لامست حدود الثلاثين دولارا. فهل تكفي هذه اللقاءات لمواجهة الأزمة؟رغم إلغاء الحكومة الكثير من المشاريع الاقتصادية التي كانت مبرمجة، والتي اعتبرت أنها “ليست أولوية” تحت ضغط شح الموارد المالية، ولجوئها أيضا إلى تجميد حركة التوظيف في عدة قطاعات وعدم تعويض مناصب العمال المتقاعدين، وأيضا السعي لـ”فرملة” فاتورة الاستيراد من الخارج، غير أن ذلك ليس كافيا كإجراءات بالنسبة للخبراء، للحفاظ على التوازنات المالية للدولة في ظل تراجع قيمة برميل النفط بأكثر من 42 بالمائة من قيمته في ظرف قياسي.لا يتوقع أن يخرج لقاء سلال مع ولاة الجمهورية عن إطار ضرورة التزام الجماعات المحلية بتنفيذ “تعليمات” الحكومة الخاصة بـ”التقشف”، من خلال وقف إطلاق المشاريع الجديدة وإنجاز القديمة في مواعيدها دون أي تأخير، وهو أمر بعيد المنال بالنظر إلى أن التحكم في تكاليف الانجاز لم يتحقق لا في وقت البحبوحة ولا في عهد الأزمات. من جانب آخر، فإن الاجتماع مع أطراف الثلاثية، وإن كان يسهل فيه غلق باب أي زيادات في الأجور بحجة الأزمة المالية، فإنه في المقابل لن يضيف شيئا كثيرا في المعادلة الاقتصادية، من باب أن القطاع الخاص مساهمته ضعيفة في البنية الاقتصادية للبلاد ومساهمته لن تخرج عن إطار قبوله من جهة فرملة “الاستيراد”، لكون أغلب شركات هذا القطاع مرتبطة كليا بالاستيراد وليس الإنتاج، ومن جهة أخرى الإقدام على وضع “الشكارة” في البنوك!هذه الصورة الماثلة لواقع اقتصادي “هش” لا تبعث على التفاؤل في القدرة على مواجهة أزمة النفط الحالية، التي يشير التقرير الأخير للبنك العالمي بأنها ستستمر إلى 2016، ولا يتوقع عودة الانتعاش للسوق النفطية بفعل الفائض في الإنتاج وعودة النفط الإيراني للأسواق الدولية بعد سنوات من العقوبات عليها. على خلفية هذه المعطيات، اعتبر رئيس الحكومة الجزائرية سابقا، أحمد بن بيتور، أن “أزمة النفط الراهنة خطيرة ويمكن أن تستمر لفترة أطول، ويمكن أن تتحول إلى مشكلة حقيقية تخل بالتوازنات المالية للجزائر”. أبعد من ذلك، توقع بن بيتور “أن أزمة النفط الحالية هي أخطر من الأزمة النفطية التي هزت العالم عام 1986”. وأوضح بن بيتور في تصريحات إعلامية سابقة، أن أزمة عام 1986 بالنسبة للجزائر كانت أقل تكلفة على البلاد، بسبب قوة الصادرات من المحروقات حينها، وضعف الاستهلاك الداخلي، وعوامل أخرى ساهمت في تخفيف تداعيات تلك الأزمة على الجزائر”. على العكس من ذلك، حسب توقعات بن بيتور، فإن الأزمة الحالية قد تسهم في استنزاف احتياطيات الصرف من صندوق ضبط الإيرادات في ظرف وجيز، وهو ما وقع بالفعل بحيث تم استنزاف قرابة 30 مليار دولار في ظرف سداسي واحد فقط، الأمر الذي جعله ينزل إلى أقل من 150 مليار دولار.وفي ظل ضعف قدرات الإنتاج النفطية وتعاظم الاستهلاك الداخلي واقتصار صادرات الجزائر خارج المحروقات على قرابة مليار ونصف مليار فقط، يرى الخبراء أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بشأن تقليص الواردات وإلغاء بعض المشاريع والبرامج التنمية، ليست حلا كافيا، أمام عدم قدرة القطاعات الاقتصادية المنتجة كالزراعة والصناعة التحويلية على تغطية الطلب الداخلي. يأتي هذا تزامنا مع تقديرات لوزارة المالية وتقرير بنك الجزائر التي تشير إلى أن ضمان التوازنات المالية للجزائر تستدعي برميل نفط لا يقل عن 120 دولار للبرميل الواحد، وهو سعر بعيد جدا عن السعر الحالي للبرميل، ما يؤشر أن هذه المؤشرات قد تدفع الجزائر إلى حالة عجز عن الدفع، شبيهة بأزمة عام 1986، خصوصا بعدما سجلت أسعار النفط، الأسبوع الماضي، أطول سلسلة خسائر أسبوعية في 29 عاما أي منذ عام 1986.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: