"ندعو إلى مؤتمر دولي لمحاربة الإرهاب والجزائر شريك مهم "

38serv

+ -

قالت عضو مجلس نواب الشعب والقيادية في حركة النهضة التونسية يمنية الزغلامي، إن الشعب التونسي كانت وضعيته سيئة، ولكن مثلما خرج ليطالب بالعدالة الاجتماعية فقد خرج أيضا من أجل الحرية، مضيفة في حوار مع “الخبر” أن النهضة مع خطاب ديني داخل المساجد لا يدعو إلى التطرف، لتفادي سيطرة المتطرفين على المساجد، “لكن هناك بعض التصرفات التي يمكن أن تغذي الإرهاب والتطرف وأن تشعل ردود فعل لدى الشباب المتدين”.كيف تنظر النهضة للتحدي الأمني في تونس مع استهداف الإرهاب لها؟ وكيف ترى التنسيق الأمني بين الجزائر وتونس لمواجهة مخاطر الظاهرة؟ التعاون الأمني متطور جدا مع الشقيقة الجزائر، لاسيما أن لها خبرة طويلة في مجال مواجهة الإرهاب، فالتعاون قائم منذ حكومة الترويكا، حيث نعتبر الجزائر من أكثر الدول العربية التي ساندت الثورة التونسية وتساند الانتقال الديمقراطي في تونس، ففعلا تحيا الجزائر فعلا وقولا، صحيح هناك دولا ساندت الثورة التونسية أيضا، ولكن على مستوى التنسيق ومراقبة الحدود لم يتم بمقدار ما تم مع الجزائر، لأن أمن الجزائر من أمن تونس وأمن تونس من أمن الجزائر، فهذه مسألة مبدئية لا نقاش فيها.ولكن كيف تنظر النهضة للتحدي الأمني ومواجهة الإرهاب؟ نحن دعونا إلى مؤتمر وطني لمواجهة الإرهاب يمكن أن يأخذ بعدا دوليا، أكيد ستشارك فيه الجزائر في إطار تبني مقاربة مشتركة، فمقاومة الإرهاب ليس مقاومة أمنية فقط أو عسكرية، بل لا بد أن تكون أيضا مقاومة ثقافية، فالفن والسينما والشعر يقاومون الإرهاب أيضا، وتركيز الديمقراطية والحريات والحقوق تقاوم الإرهاب، والخطاب الديني المعتدل أيضا يقاوم الإرهاب. فالمؤتمر سيتضمن كل هذه المقاربات، ونعلم أن للجزائر تجربة في مكافحة الإرهاب، ونحن نراعي أيضا الخصوصية التونسية في إطار مقاومة الإرهاب.مشكل ليبيا قائم ومشاكل الحدود، كانت هناك اتهامات بأن تونس تصدر الإرهاب، وهناك من يعتبر بأن تونس تعاني من الارتدادات الحاصلة في ليبيا. كيف ترون ذلك؟ الدولة التونسية لا تتهم ليبيا بالإرهاب، وتونس لم تندم لمساندتها الثورة الليبية، وقد فتحنا الحدود في حكومة القايد السبسي الأولى، وإلى حد الآن تحتفظ تونس بالعديد من الأشقاء الليبيين، وهذه ليست مزية بل في إطار تضامن مع أشقاء. أما مسألة الحدود والإرهاب فهي شائكة، ولذلك بدأت الإجراءات مع المرزوقي، والآن مع إقامة الحائط الشائك الذي يحمي الحدود، وقد ساهم في الحد من تسرب الإرهابيين والتهريب، ونعتبر أننا لا نتهم بعضنا البعض، بل من باب التضامن والتنسيق، ونحن متفائلون بمستقبل الوضع في ليبيا، ونأمل أن يُسوى مشكل الأسلحة، وهي مسؤولة مشتركة، والحائط عبارة عن أنفاق، ونحن ندعو مثلا مع الجزائر لإزالة كافة الحواجز والانتقال ببطاقة التعريف ودون إجراءات.ألا تعتبرين بأن تفاقم أزمة نداء تونس والتجاذبات القائمة ستؤثر سلبا على تماسك الحكومة وإمكانية إعادة سيناريو إخفاقات الترويكا؟ وألا يدفعكم ذلك قسرا إلى الواجهة السياسية رغم تأكيد الغنوشي أنه لا يسعى إليها؟ تصريح السيد راشد الغنوشي يعبر عن رأي “النهضة” ككل، وهو ما عبر عنه رئيس الحركة وكذا قياداتها، فالنهضة لا تترصد مثل هذه الأزمات لكي تكون في الواجهة السياسية، الشعب هو من اختارها لتكون الحزب الثاني، وتمثلها كتلة نيابية كبيرة، فالموقع الذي أعطي لها في إطار انتخابات تشريعية ديمقراطية وشفافة موقع مهم، نحن لم نفز بالانتخابات بل فاز بها نداء تونس، لكن النهضة موقعها هام، ورسالة الشعب التونسي هي أن البلاد تحكم من قبل حزبين كبيرين، إضافة إلى أحزاب أخرى محترمة، سواء كانت في الائتلاف الحاكم أو في المعارضة.دستوريا لن يكون هناك إرباك على مستوى الحكومة، لأن المسائل الدستورية مرتبة وواضحة، الآن زملاؤنا في نداء تونس يشتغلون على حل توافقي يلم شمل الجميع، سواء القيادات التي هي خارج البرلمان أو القيادات داخله، وكل أعضاء الكتلة البرلمانية، لكن إن حصل انشقاق فهناك ترتيبات على مستوى المهام داخل اللجان فقط.هل يمكن لحركة النهضة أن تساهم في رأب الصدع بما أنكم قلتم إنكم أتيتم من أصول متشابهة؟ هي تصريحات.. ولكن نحن لم نأت من أصول متشابهة، نحن نحترم كل حزب يتبنى مرجعية ما، فنداء تونس يتبنى مرجعية ونحن كذلك، ونحن في حركة النهضة نعتبر أنفسنا امتدادا للحركة الوطنية الإصلاحية التي تمتد من خير الدين التونسي وحتى قبل الاستعمار، أكيد زملاؤنا في نداء تونس وفي أحزاب أخرى يعتبرون أن لهم نفس الامتداد، والأمر ليس حكرا، وحركة النهضة بإمكانها رأب الصدع بعدم التدخل في الشأن الداخلي للحزب، فلنداء تونس قيادات قادرون على حل مشاكلهم الداخلية، وهو حزب كبير انتخبه الشعب، لديه هياكل وقواعد، فقط عندما يتعلق الأمر بشأن وطني يجب التدخل.ما هو موقع النهضة من جماعة الإخوان المسلمين بفرعها الدولي؟ وهل مبدأ التآزر هو ما جعل النهضة تتخاذ موقفا مناهضا لما حدث من تغيير في مصر؟ النهضة ليست فرعا لحركة الإخوان المسلمين، ومنذ تأسيسها كحركة ذات اتجاه إسلامي تأثرت بعدة مدارس ذات حركة إسلامية متنوعة، لكنها ومنذ تأسيسها عام 1981 تبنت منهاجا ورؤية فكرية ومنهجا أصوليا، وكل البيانات الصادرة عن النهضة في مؤتمراتها سواء الداخلية أو الخارجية نجد فيها تطورا على المستوى الفكري والمنهج الأصولي، الآن النهضة ماضية إلى مؤتمر بداية 2016 ستنبثق عنه رؤية فكرية سياسية جديدة ومتجددة ومتطورة، تكون منضوية تحت سقف الدستور الذي نعتبره مرجعنا.أما موقفنا مما حصل في مصر، فهو موقف حقوقي إنساني، كمبدأ يناصر الديمقراطية، لأننا نعتبر أن أحسن خيار لتغير وإفراز سلطة سياسية ما يجب أن يعتمد الآلية الديمقراطية، ولكن للأسف هذه الآلية لم تكن موجودة في مصر، ونحن ندعو الإخوة في مصر والشعب المصري وكل السياسيين وكل من يحكم مصر الآن أن يتجه إلى الحل، وهو الحوار وترسيخ الديمقراطية، لكي يعيش الشعب والشباب المصري بكل حرية وديمقراطية، وكي لا نرى شبابا مقتولا في الشوارع أو شبابا في السجون، لكي لا يتحول هؤلاء الى التطرف.بما معناه أن التطرف يولد تطرفا أكبر منه؟ بالطبع يجب احتواء هؤلاء الشباب بحيث يجد كل شاب في تونس أو مصر مكانا له، وأن يعيش في ظل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهذا ما تعمل له حركة النهضة، حيث نحاول التركيز على الاهتمام على الشأن العام، وهو بالنسبة للنهضة أولوية الأولويات.أنتم ممثَّلون بوزير واحد وكاتب دولة واحد في الحكومة، هل يمثل ذلك خيارا؟ خاصة أنه لا يعكس وزنكم التمثيلي في البرلمان التونسي، حيث تمثلون القوة الثانية بعد نداء تونس.. نعم، هذا يتم في إطار التوافق، ونحن حريصون على التوافق مع حزب الأغلبية، ولكن هذا لا يمنع من أن نلعب دورا فاعلا، حيث نمرر قوانين عبر الكتلة النيابية، فنحن نتبنى سياسة الحكومة وندعمها، إذ إن 69 نائبا يساندون هذه الحكومة، وهذا سند قوي، ولدينا تنسيقية الأحزاب بها 4 أحزاب تحرص بدورها على دعم سياسات الحكومة، وآخر عمل قامت به هذه التنسيقية هو التحضير للوثيقة التوجيهية والمخطط التنموي 2016-2020، وهذا عمل كبير، فتمثيل النهضة ربما قليل داخل الحكومة ولكن الفعل السياسي يبقى كبيرا.لقد كان لحركة النهضة تجربة في تقاسم السلطة بين أهم أقطاب السياسة موالاة ومعارضة، لكن تجربة “الترويكا” لم تعط نتائج كبيرة. هل تم استخلاص عبرة من هذه التجربة السياسية؟ القول إن تجربة الترويكا لم تعط نتائج كبيرة غير صحيح، فتجربة الترويكا أخطأت في مجالات ونجحت في مجالات أخرى، هذا أكيد، ولكن من إيجابيات الترويكا أننا بعدما كنا نشارك في حكم ثلاثي الآن تونس تُحكم عن طريق رباعي، وهذا من النتائج الإيجابية للترويكا، فلأول مرة بالنسبة في تاريخ تونس بعد انتخابات نزيهة وشفافة تلتقي أحزاب ثلاثة لتحكم تونس. كانت تونس سابقا يحكمها دوما حزب واحد وشخص واحد، وبفضل هذه التجربة هناك الآن ائتلاف حاكم رباعي، وحينما رأت النهضة أن المسائل تشعبت في البلاد، ارتأت التنازل في إطار التوافق، وحكمَ تونس لفترة حكومة تكنوقراط، هذا التوافق أفرز دستورا والحمد لله، فقد أتمت تونس مرحلة إعداد وصياغة الدستور وذهبنا إلى الانتخابات والمهمة لم تكن هينة، وعليه حرصت الأحزاب وحركة النهضة أن نذهب إلى انتخابات شفافة ونزيهة أخرى، وهذا أعتبره نجاحا آخر للترويكا.هذا بالنسبة للإيجابيات، ولكن فيم أخفقت الترويكا؟ بالنسبة للإخفاقات، يمكن أن نعتبر أن الترويكا لم تكن لديها توجه اقتصادي واضح، ثم للأسف الشديد المرحلة في عهد الترويكا لم تكن هينة خلال حكومتي حمادي الجبالي والمغريف قرابة سنتين وشهر في هذه الفترة القصيرة، وحصل اغتيالان لشخصيات سياسية مهمة في تونس: الشهيدان شكري بلعيد وعضو المجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي، إضافة إلى النشاط الإرهابي في تونس، وهذا لم يعط فرصة ومجالا للوزراء للقيام بإصلاحات كبيرة، وأن يقدموا مشاريع كفيلة بتغيير الواقع التونسي من الفقر والفساد والرشوة، لكن التونسي الآن يقارن بين حكومتي الترويكا والائتلاف الرباعي، ويقول إن المسألة ليست في الترويكا والرباعي، ولكن الوضع معقد منذ أن خلع الرئيس السابق وحدثت الثورة، وكان الوضع الاقتصادي ضعيفا ومهترئا، وحالة فساد كبير في تونس من نهب وسرقة الثروات كالفوسفات، ومع مسائل الحدود والوضع الليبي.. كل هذا جعل الشعب التونسي يقول إن هذه العوامل يمكنها أن تفشل التجربة، فالأمر لا يتعلق بأشخاص وسياسيين، ومع ذلك تبقى الإيجابيات أكثر من السلبيات.ثورة الياسمين تفجرت على وقع عوامل منها الجوانب الاجتماعية، لكن بعد 4 سنوات من الثورة لم نلمس تطورات ملحوظة للأوضاع الاجتماعية، ومن ذلك الغلاء في المعيشة.. الغلاء مرتبط بالوضع العالمي الاقتصادي، وتعطل الفوسفات منذ عامين، وتأثر الموسم السياحي، وكل من كان يشتري الفوسفات انتقل إلى منطقة ودول أخرى، ولكن منذ شهرين بدأنا نستعيد التوازن بخصوص الفوسفات، وضُربت السياحة لولا أشقاؤنا الجزائريون، وقد التقيت السفير الجزائري في إطار تقديم اعتذار رسمي على مقترح قراءة الفاتحة على المجاهدة جميلة بوحيرد، ومن بين المعلومات التي تم تقديمها من قبل سعادة السفير أن قرابة 1.2 مليون سائح جزائري زار تونس، وهذا شكل دعما كبيرا.كان ذلك من قبيل السياحة التضامنية.. نعم بالتأكيد، وعودة للموضوع نقول إننا نأمل أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية للبلاد، وأرجو أن أؤكد على أمر: كنتُ من بين الناس الذين شاركوا في الثورة، وأنا من حي شعبي ولا أزال أقطن فيه، الشعب التونسي حقيقة كانت وضعيته سيئة، ولكن مثلما خرج ليطالب بالعدالة الاجتماعية فقد خرج أيضا من أجل الحرية، سيدتي لماذا أنتم والمحللين تسمون هذه الثورة ثورة الياسمين؟ لأن هذه الثورة قام بها مجموعة من الشباب الذي أبدى امتعاضا وحارب نظام بن علي، وكان يوصل مطالبه عبر شبكة التواصل الاجتماعي، والثورة التونسية سبقتها بعض الانتفاضات في الجنوب والشمال الغربي، فمسألة الحرية هامة، فقد كنا تحت سلطة ونظام بوليسي قمعي، هي ليست ثورة جياع بل ثورة حريات وديمقراطية وكرامة وعدالة اجتماعية، وهذه المبادئ لا بد أن نعمل من أجلها، ونحن قد صادقنا على هذا القانون الهام الذي يفتح آفاقا مهمة للمستثمرين، وهو قانون الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وكل المستثمرين الذين كان يواجهون صعوبات في مجال الشراكة وإنجاز المشاريع سيكسبون من هذا القانون، وإن شاء الله تفتح تونس للمستثمرين.ما هي طبيعة العلاقة القائمة بين الحكومة التي يترأسها الحبيب الصيد والحركة؟ خاصة أن الغنوشي وجه انتقادات للعديد من الوزراء، لاسيما وزارة الشؤون الدينية بخصوص إزاحة بعض الأئمة وتعيين آخرين.. مشاركتنا في الائتلاف الحاكم ومساندتنا لحكومة الحبيب الصيد لا يعني غياب الانتقاد لعمل بعض الوزراء ولبعض التجاوزات في إطار نفس السياسة، للأسف وزير الشؤون الدينية لم يعبر عن سياسة واضحة في التعامل مع الشأن الديني، ونحن طلبنا كنواب أن يأتي إلى البرلمان ويقدم لنا سياسة واضحة بهذا الشأن، فنحن مع خطاب ديني داخل المساجد لا يدعو إلى التطرف، ومع تفادي سيطرة بعض المتطرفين على المساجد، نحن نسانده في هذا، لكن بعض التصرفات التي يمكن أن تغذي الإرهاب والتطرف ويمكن أن تشعل ردود فعل لدى الشباب المتدين، فهذا تصرف غير مسؤول، لذلك نحن انتقدنا وزير الشؤون الدينية وبعض الوزراء الآخرين في إطار التفاعل مع هذه الحكومة، ولكن هذا لا يمنع من أننا نساند الحكومة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات