صندوق للثورة الزراعية بعد 30 سنة من إلغائها!

+ -

لم تكتف الحكومة بفتح صناديق خاصة جديدة في قانون المالية لسنة 2016، وهو ما يتعارض مع توصيات صندوق النقد الدولي (الأفامي)، الذي طالب مرارا بتقليص عدد الصناديق الخاصة لصعوبة مراقبتها وعدم شفافيتها، بل قررت تمديد العمل بالصندوق الخاص “تعويضات بعنوان الأملاك المخصصة للصندوق الوطني للثورة الزراعية”،إلى غاية سنة 2017، علما أن الثورة الزراعية ألغيت منذ 30 سنة خلت. لم تتمكن الحكومة من تسوية الملفات التي ترتبت عن إلغاء مشروع الثورة الزراعية الذي أقره الرئيس الراحل هواري بومدين في بداية حكمه في السبعينات، بدليل أنها قررت في المادة 78 من قانون المالية لسنة 2016 “استمرار حساب الصندوق الوطني للثورة الزراعية” في العمل إلى غاية 31 ديسمبر 2017، حيث يزمع قفله نهائيا وصب رصيده في حساب نتائج الخزينة. فهل يعقل أن تبقى مخلفات مشروع ألغي في منتصف الثمانينات في إطار ما عرف يومها بإثراء الميثاق الوطني تحت شعار “نراجع ولا نتراجع” الذي رفعه الأفالان يومها. من جانب آخر، إذا كانت الحكومة قد حددت آجالا لغلق صندوق الاستعجالات ونشاطات العلاجات الطبية في أجل أقصاه 31 ديسمبر 2018 وصندوق الأملاك العمومية المنجمية في أجل 31 ديسمبر 2017، وقفل الصندوق الوطني لتحضير وتنظيم مهرجان تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية التي انتهت في 2011 والوزيرة خليدة تومي رحلت من الحكومة منذ قرابة سنتين، فإنها لا تقوم بإلغاء صندوق من الصناديق الخاصة، حتى تقوم بإنشاء أخرى جديدة، بالرغم من توصيات صندوق النقد الدولي الذي أعرب، منذ عدة سنوات، عن رفضه إنشاء مثل هذه الصناديق لصعوبة مراقبتها، ومطالبة النواب بتقليص أعدادها نظرا لعدم فعالية ومردودية العديد منها.غير أن هذه المطالب والتوصيات لم تثن الحكومة عن فتح صناديق خاصة جديدة في قانون المالية لسنة 2016، بحيث تقرر بموجب المادة 143 فتح “الصندوق الوطني للمياه”، ونصت المادة 33 على إنشاء “صندوق الكوارث الطبيعية والأخطار الكبرى”، وأمرت المادة 87 بفتح “صندوق ترقية التمهين والتكوين المهني المتواصل”، وأيضا إنشاء “الصندوق الخاص بالتضامن الوطني” الذي يتكفل بنقل جثامين المعوزين من أبناء الجالية الجزائرية بالخارج نحو الجزائر، وصندوق آخر بعنوان “صندوق التضامن للجالية الجزائرية”.للتذكير، هذه الصناديق يتم تمويلها من خلال الرسوم والإتاوات والهبات والوصايا، أي هي عبارة عن ضرائب مباشرة وغير مباشرة تدفع من جيب المواطن.ويؤشر استمرار الحكومة في خلق الصناديق الخاصة مع كل قانون مالية جديد، على أن السلطات العمومية لا تعير أي اهتمام لتوصيات مجلس المحاسبة، الذي سجل في تقريره حول تسوية الميزانية لسنة 2013، عدة نقائص حول سير هذه الصناديق الخاصة، منها اللجوء المفرط إلى توسيع مدونة نفقات حسابات التخصيص الخاص، تجميد الأموال العمومية واعتمادات معبأة قليلة الاستعمال خلال السنة، البطء في وضع وإصدار النصوص التطبيقية للإطار القانوني، الضعف الذي يميز تعويضات القروض، غياب برامج عمل تحدد الأهداف المنشودة وآجال التنفيذ، نقص التنسيق بين المحاسب والآمر بالصرف المكلفين بتسيير الصناديق الخاصة. هذه الملاحظات التي دونها قضاة مجلس المحاسبة في أكثر من تقرير، تعني أن الحكومة تهوى “تخزين الأموال” في الصناديق، وتلجأ إلى الحلول السهلة “جيب المواطن” من خلال رفع الأسعار وزيادة الضرائب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: