افتقار الفرد لثقافة قيم المدينة جعله تائها وسط "السوق الأعظم"

+ -

يرجع الدكتور هواري بلعباس، الأستاذ المساعد في علم الاجتماع بجامعة يحيى فارس بالمدية، “الديكور” الفوضوي لواجهات العمارات بأكبر المدن الجزائرية، إلى افتقار الفرد الجزائري عامة إلى ثقافة العيش بداخل المدينة، ولنمط التعايش السليم وسط الفضاء الجماعي، معتبرا ذلك بمنزلة امتداد لما عايشه الجزائريون خلال الحقبة الاستعمارية “أين كان معظم هؤلاء يقطنون بالبوادي والأرياف، مقابل اكتفاء نسبة قليلة من أبناء الشعب آنذاك بالإقامة بالأحياء الشعبية العريقة التي كانت تفتقر إلى معايير الهندسة الكولونيالية”.“وقد اصطدم افتقار الفرد الجزائري لثقافة قيم المدينة، بواقع عمراني عصري وجد نفسه طرفا فيه، لكن من دون أن تكون له يد في تصميمه، وهو ما جعله تائها وسط “السوق الأعظم لمركز الدولة”، أي المدينة كما صورها ابن خلدون”، حسب الدكتور هواري بلعباس، الذي استند في تحليله للوضع القائم حاليا إلى افتقار نظام العمارات الذي أقرته الدولة للحيز المكاني الكفيل بنشر الغسيل بعيدا عن شرفات الشقق والواجهات “على خلاف ما كان عليه الأمر مع البنايات القديمة التي يعود تشييد غالبيتها إلى النصف الأول من القرن الماضي”.وقد عاد محدثنا ليغوص وسط المجتمع الجزائري الاستهلاكي الذي غلبت عليه ثقافة الاقتناء، من دون أن يقابل ذلك رغبة في التخلص من الأغراض البالية والرثة، ما يجعل من الشرفة الجهة المفضلة لتكديس كل ما بال من أثاث، وحتى نفايات: “الأمر الذي جعل من واجهات العمارات والبناءات العمرانية مصدرا لانزعاج الناظرين، وسط لا مبالاة كبيرة حتى لصاحب تلك الشرفة بالنظر إلى افتقاره لروح السمعة”.فالمدينة من منظر الأستاذ هواري بلعباس “تبقى الفضاء الذي تكونت وسطه “الارستقراطية” و«البورجوازية” والمقر الحقيقي لعظمة العمران والفنون والحرف بحكم تفوقها من حيث المستوى الاستهلاكي مقارنة بالبوادي والأرياف، إلا أن عامل النزوح الذي صاحبته العقليات البدائية عجل بتحوّل واجهات المدن إلى مسارح تنفر منها حاسة النظر قبل الحواس الأخرى”.“وقد ساهم اختفاء بعض التقاليد الحضرية كثيرا في تراجع رغبة الفرد في تزيين محيطه كمسابقات أحسن الشرفات. كما أن شرطة العمران حادت هي الأخرى عن دورها “الردعي” للحد من الفوضى، مقارنة بما كانت تقوم به خلال سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، دون غض النظر عن دور القطاع الحضري العاجز عن تطبيق النصوص القانونية التي لا زالت سارية المفعول إلى يومنا هذا”، ختم محدثنا قوله.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: