+ -

صديقي العزيز سعد.. لقد ظلمت حمس وحماس في عمودك هذا اليوم. أما حماس فقد ظلمتها لأنك لم تنتبه (وأنت الرجل الذكي) بأن الخلاف بينها وبين منظمة التحرير (لا أقول فتح احتراما لتاريخها) هو اختلاف حول قضية خطيرة تشبه القضية الجزائرية أثناء الاحتلال، وليس حول التمثيل في العواصم العربية، و50 مليون دولار في الجزائر كما قلت. حماس تختلف مع منظمة التحرير لأن هذه الأخيرة اعترفت بإسرائيل، وأسقطت حق المقاومة المسلحة، وبقيت تقدم التنازل تلو التنازل.. والقدس، في المقابل، تهوّد، والضفة الغربية يلتهمها الاستيطان، وغزة يقتلها الحصار. فكيف لحركة ثورية تؤمن بما آمن به ثوار نوفمبر الذين انطلقوا للقتال ببندقية الصيد، وحين قرب الانتصار رفضوا المفاوضة على شبر من أرضهم، أن يتفقوا مع من تنازل عن الأرض وتطوّع للإسرائيليين   بملاحقة “المجاهدين” و«الفدائيين” و«المسبلين” و«المناضلين” وفق الاصطلاح النوفمبري الجزائري. يا سعد، إنه لا يخفى عليك بأن جبهة التحرير الوطني النوفمبرية وحّدت الأحزاب على أساس رؤية جهاد المستعمر. يا سعد إن فلسطين لم تنقسم في عهد المرحوم ياسر عرفات الذي أهداك القلم وقبة القدس، لأن عرفات، مهما اختلفنا مع رؤيته في النضال في الثلث الأخير من عمره، كان مناضلا صادقا وزعيما كبيرا يعتبر الكفاح المسلح لحماس فرصة لفلسطين وليس تهديدا. أما الذين جاءوا من بعده استعملوا منظمة التحرير لملاحقة المقاومين، بل وتسليمهم لعسكر الاستعمار حتى ضاقت بهم الأرض. ماذا كنت تقول لو فعلت حماس ما فعلته جبهة التحرير وجيش التحرير في الجزائر في الحَرْكى والڤومية (القاف بأربع نقاط). لعلهم أرادوا أن يحافظوا على شعورك وشعور من يفكر مثلك لكي لا تقول هاهي حماس تقتل الفلسطينيين، فحسموا الأمر بطرد دحلان، عرّاب الحرْكى الفلسطينيين وأمثاله من غزة، في عملية استباقية كان سيُقضى على كل مقاوم لو لم يفعلوها. ومع ذلك، لا تزال أيديهم ممدودة لفتح على شرط الاعتراف بحقهم في المقاومة وعدم الاشتراط عليهم الاعتراف بإسرائيل.يا سعد.. إن حماس حين تأتي إلى الجزائر يحتفي بها الجزائريون من كل التيارات والأحزاب  والمنظمات وعلى المستوى الشعبي والرسمي وليست حمس فقط، لأن الشعب الجزائري يعرف القصة. لقد حفظها في هذا البلد الذي صنعه الجهاد والمقاومة والكفاح. أنا متيقن بأنك أنت كذلك تعرف القصة، ولكن ربما أنت تعيش عذابات لم تبرحك سببها هدية ياسر عرفات. فلا أنت راض بصنيعة من خلفه لأنك جزائري، ولا أنت راض بحماس لأنها ليست صنيعة ياسر عرفات.أما عن حمس فهي قصة أخرى، سببها كذلك حبك للشيخ محفوظ نحناح رحمه الله. وأكتفي هاهنا بالقول لك: أولا: لم تحدث هذه الانشقاقات لحركة الشيخ محفوظ نحناح فقط، بل حدثت لجبهة آيت أحمد وأنت تعرف الأحزاب التي انبثقت من وعائه، وحدثت لجبهة عبد الحميد مهري وأنت تعرف الأحزاب التي خرجت من وعاء جبهة التحرير، وحدث هذا لأكثر الأحزاب في العالم. ثانيا: لا أريد أن أدافع دفاعا يجرح مشاعر بعض الأحبة، ولكن من واجبي أن أقول لك أن من يقود حركة مجتمع السلم اليوم لا مسؤولية لهم فيما حدث من انشقاقات الأمس. وهي تقود الاختلاف والتنوع اليوم داخلها بكياسة وهدوء وديمقراطية. واعية بحجم التآمر عليها من خارج الحركة.. واثقة تمام الثقة بعد الله في مؤسساتها ومناضليها.. موجهة فكرها وشعورها وعملها لخدمة الجزائر وتوحيد الجزائريين ما استطاعت، في ظل الظروف الصعبة التي تعرفها أكثر من غيرك.بكل حبصديقك: عبد الرزاق مقري1  - كان عليك ألا تتسرع وترد بهذه السرعة المريبة، حتى لا يكون حالك كمن مس رأسه عندما سمع من قال: الريش على رأس سارق الدجاج! لأن ما كتبته أنا موجه أساسا لعموم الفلسطينين وليس لحماس وحدها أو حتى إلى حمس الجزائر!2 - إذا كان دحلان فتحاوي فعل بالحماسيين ما تقول، فلماذا تقوم حماس اليوم بالتنسيق معه ضد قيادة فتح البائسة؟! ودحلان معروف عنه أنه يناضل في الموساد أكثر مما يناضل في فتح.3 - شيء مؤسف سياسيا ونضاليا حين تبرّر انقسام حمس إلى 05 أحزاب بسبب الطمع والانتهازية وحب الزعامة، لأن جبهة التحرير والأفافاس انقسمتا أيضا لنفس الأسباب.. فإذا كنتم صورة أخرى لبؤس الأفالان والأفافاس فلماذا أنشأتم أصلا هذا الحزب؟!4 - قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عندما انهزمت سنة 1967 في الحرب غيرت القيادة وجاء عرفات على رأسها، وحماس انهزمت في غزة عدة مرات فلماذا لم تستقل القيادة؟! تماما مثلما انهزمت “حمسكم” في عدة انتخابات ولم تستقل القيادة؟! أتعرف لماذ؟ لأن حمس تبحث عن ريادة زعامية في أنقرة أو الدوحة أو الرياض لفقدان الزعامة في الجزائر سواء على مستوى حمس أو على مستوى الرئاسة أو الحكومة.. لأن الشعب الجزائري أصبح يتيما سياسيا، يبحث له عن ولي أمر في هذا النظام البوتفليقي، الذي ساهمت حمس في بنائه بحكاية التحالف الرئاسي؟ أنتم تعبدون أردوغان، والعلمانيون يعبدون السيسي.. والشباب الجزائري أصبح ضائعا يبحث عن زعيم في الفايسبوك! هذه هي السياسة التي أنجزتموها!5 - عرفات أهداني قلما ولم يهدني ممتلكات في أنقرة أو الخليج أو حتي في الجزائر.. ومع الأسف حتى هذا القلم الذكرى سرقه مني خلسة مناضل في حزب التحالف الرئاسي الذي ساهمتم أنتم في حمس في عضويته في المجلس الدستوري! أما الذكاء الذي نسبته لي ظلما فهو تهمة خطيرة ولا بد لي من البحث عن محام لنفيها!   

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات