+ -

الآن فهمنا لماذا قررت قيادة الجيش ممارسة تصويت الجنود في مراكز التصويت وليس في الثكنات كما كان حاصلا من قبل؟ǃ فالحالة الوحيدة التي ظهرت فيها أعداد من المشاركين في التصويت من فئة الشباب هي مكاتب التصويت التي صوت فيها الجنود! فهل كان الأمر مقصودا من أجل التغطية على المقاطعة أو العزوف؟! لسنا ندري.. ولكن الأكيد أن السلطة لم يعد يقلقها التزوير قدر ما أصبح يقلقها العزوف والمقاطعة.. ولذلك قررت نقل الجنود إلى مراكز التصويت وبلباس مدني.! وفي ذلك حكمة انتخابية لها علاقة بمسألة المقاطعة وحكاية الإقبال على صناديق الاقتراع.صحيح أن قرار المؤسسة العسكرية بالتصويت في المراكز المدنية خطوة نحو الشفافية في أداء هذه المهمة.. لكن هناك قراءة أخرى هي أن هذه العملية التي جاءت في هذا الظرف بالذات قد تفهم أنها تغطية من المؤسسة العسكرية على فشل السياسيين المدنيين الذين يحكمون البلاد في تجنيد الشعب في انتخابات يقال إنها مصيرية لنظام يستعد لتجديد نفسه وسط صراعات صامتة بين الزمر السياسية على خلافة بوتفليقة، ولكنها واضحة لكل ذي بصر وبصيرة سياسية.نعم، الإدارة الآن أمام امتحان سلطوي قاسٍ، فهي مطالبة بتنظيم الانتخابات ماديا، وهي أيضا مطالبة بملء الفراغ الذي تركه انسحاب الـ”DRS” من الواجهة، بفعل الأزمة التي حدثت بين هذا الجهاز وبين قيادة البلاد على المستوى العالي.. والإدارة اليوم أيضا مطالبة بأن تواجه هذا المعطى الجديد المتمثل في حكاية العزوف والمقاطعة التي عبرت عن نفسها بقوة، ولهذا لاحظنا أن الإدارة سارعت إلى رفع نسبة المشاركة في الانتخابات منذ الساعات الأولى من الصباح على غير العادة، فقد كانت نسبة المشاركة تعالج مساء عندما تحسم حكاية التزوير وتوزيع المقاعد.. لكن هذه المرة لم يعد التزوير مشكلة أساسية، بل أصبحت المقاطعة والعزوف هما المشكلة، لذا سارعت الإدارة إلى معالجتها من الصباح الباكر في العملية الانتخابية، فعمدت إلى رفع نسب المشاركة لحسم الأمر من البداية.. وقد يكون هذا الأمر صحيحا لأن الإدارة عملت على شحذ المصوتين وحملهم على التوجه إلى صناديق الاقتراع في الصباح الباكر للتأثير على الناخبين، وبالتالي التأثير على النتيجة العامة.. وقد تكون عملية مساهمة الجيش في ذلك صباحا هي التي رفعت النسبة العامة للمشاركة في الساعات الصباحية على غير العادة.وعلى كل حال، فإن النتائج كانت محسومة مسبقا وستكون وفق ما قاله ولد عباس من حيث نسبة المشاركة، ولكن هذا لن يعطي للنتيجة الشرعية والمصداقية، بل على العكس سيرفع منسوب الشك في النتيجة، وقد يصل هذا الشك إلى حد إثارة الذين شاركوا في الانتخابات ولم ينجحوا.. وبذلك تفتح السلطة على نفسها بابا مقلقا لم يكن في حسبانها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات