+ -

شخصية بريطانية سياسية مثيرة للجدل خلال مسيرته الطويلة، عرف عبر العالم بفضل مواقفه ودفاعه عن حقوق الشعوب المستعمرة وحقوق الإنسان، وإن كان الكثير يعرفه من خلال دفاعه عن فلسطين وضدّ الحرب على العراق ومن دعاة نزع السلاح النووي، امتاز بقوة الحضور الإعلامي، شغل منصب نائب برلماني لمدة نصف قرن منذ سنة 1950م، كما شغل عديد المناصب الوزارية.

إنّه السياسي البريطاني المثير للجدل طوني بن Tony Benn المعروف بهذا الاسم واسمه الكامل أنطوني نيل ويدغود بن " Anthony Neil Wedgwood Benn"

 ولد طوني بن في لندن سنة 1925، نشأ في بيت سياسي فسار على نهج والده ويليام عضو البرلمان، إذ صار الابن طوني عضوا بارزا في حزب العمال، كما أصبح عضوا في  مجلس اللوردات لاحقا، ويعتبر من بين الشّخصيات التي تركت بصماتها واضحة في مجال النضال في بريطانيا وفي الغرب الأوروبي بين سنوات 1970 و1980.

شخصية متميّزة في النشاط السياسي البريطاني، باعتباره صاحب الميول الاشتراكية رغم أنّ عائلته تعرف أنها من أكبر العائلات الليبرالية المعروفة في بريطانيا، كما عرف عنه أيضا أنّه مدافع شرس عن الاشتراكية في بريطانيا.

شغل "بن" عدة وظائف وزارية وهنا سجلت له المواقف السياسية وأهمّها رفضه لمنصب اللورد الذي ورثه عن والده لعدم قناعته بما يسمّى بالتوازن الطبقي في الغرب وترك بصمته السياسية في وقت مبكر عندما خاض معركة طويلة وناجحة ليكون أول بريطاني ينبذ لقب "لورد" الوراثي، وبذلك أصبح طوني بن أول نبيل يتخلّى رسميا عن لقبه وهو ابن العائلة التي ورثت اللّقب عن الأجداد منذ عقود طويلة.

بين سنوات 1964 و1970 شغل منصب وزير البريد، حيث عرفت بريطانيا تطورا كبيرا في مجال البريد والاتصال، ثمّ حمل حقيبة وزارة التكنولوجيا بين سنوات 1969 و1970، وهنا أيضا يشهد له بتطوير صناعة التكنولوجيات وصناعة السيارات في بريطانيا.

عاد بعد ذلك إلى منصب كاتب دولة للصناعة بين سنوات 1974 و1975 ويشهد له عمّال القطاع بأنه كان وراء زيادة أجور عمال الصناعة، ليعيّن في نفس المنصب كاتب دولة أيضا للطاقة بين سنوات 1975 و1979 في حكومة جيمس تراغان.

طوني "بن" عرف بدفاعه المستمر على حقوق العمّال وكانت له مواقف أيضا من انضمام بريطانيا إلى السوق الأوروبية المشتركة، وقدّم مشروع قانون الكومنولث البريطاني في التسعينيات والذي كان سيجعل بريطانيا جمهورية وأصبح اسمه عنوانا لتوجّه سياسي في بريطانيا تحت اسم البينية the benith.

كان من أشدّ المعارضين لغزو العراق عام 2003 ونشط ضمن حملة "أوقفوا الحرب" التي شهدت تجنيد مليون شخص تظاهروا في العاصمة البريطانية لندن، وكان قد زار العراق قبلها بقليل وأجرى حوارا مع الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين.

إلى جانب معارضته حرب العراق، وقف ضدّ جميع الحروب في  جزر فوكلاند وفي أفغانستان، ومن مواقفه المشرّفة دفاعه عن القضية الفلسطينية ودعوته أكثر من مرّة إلى مقاطعة إسرائيل، وجمع لذلك توقيع أكثر من 300 شخصية بريطانية بارزة من النّواب وأعضاء مجلس الشيوخ والزعماء السياسيين وقادة النقابات والأساتذة والفنانين والصحفيين في عريضة حملت عنوان "من أجل العدالة في فلسطين" نشرت في 31 جانفي 2009.

مساندته للثورة الجزائرية:

بداية من سنة 1957 عبّر طوني بن عن مساندته للثورة الجزائرية وأعلن عن موقفه علنا في اجتماع مجلس العموم البريطاني، وقاد حملة للتعريف بعدالة القضية الجزائرية في أوساط السياسيين البريطانيين ونظّم عدة اجتماعات من أجل ذلك، منها الاجتماع الذي عقد عام 1959 وحضره ممثّل الثورة في بريطانيا محمد كلّو، ألقى كلمة أبرز فيها الاهتمام البريطاني المتزايد بالقضية الجزائرية وأطلع البريطانيين على حقيقة ما يجري للجزائريين بنقل الصورة المخالفة لما تنقله الصحافة الاستعمارية، طالب طوني بن بالتفاوض على حلّ واحد وهو استقلال الشعب الجزائري ودعا إلى الضغط على الحكومة البريطانية حتى تتبنّى هذا الطرح وتدافع عليه في الأمم المتحدة.

كما ألقى طوني بن خطابا في  شهرجوان 1960 في مؤتمر الحركة المضادة للاستعمار برئاسة البرلماني البريطاني فينر بروكواي، جدّد فيه دعمه للثورة الجزائرية العادلة، دخل في مشادّات مع بعض النوّاب الليبراليين المؤيّدين للطرح الفرنسي.

نقلت جريدة "المجاهد" في عدد جانفي 1960 تصريحاته ومواقفه، ظلّ "بن" مساندا ومدافعا عن الثورة الجزائرية إلى غاية الاستقلال وترأس الجمعية البريطانية الجزائرية. توفي في وقت مبكّر من صباح يوم 14 مارس 2014 في منزله غرب لندن.