38serv
قال الله سبحانه وتعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملّتهم}.. لاحظنا كيف تعاطف الغرب جميعا مع العدو الصهيوني، بالرغم من المجازر الفظيعة المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني التوّاق للعيش بسلام وحرية واطمئنان، شأنه شأن باقي شعوب العالم. فالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والعديد من الدول الغربية، سارعت إلى الإعراب عن دعمها ومساندتها للكيان الصهيوني، وأمريكا أعطت الضوء الأخضر لجيش الاحتلال ليرتكب مجازر وحشية بحق الفلسطينيين، ما يدعونا إلى التساؤل والبحث عن عوامل وأسباب هذه الكراهية للعرب والمسلمين، ومحاولة إيجاد التفسير المناسب لهذا المشهد اللاأخلاقي المروّع للعالم الغربي، حتى أنهم جرّموا ولاحقوا كل من يبدي تعاطفه مع فلسطين والفلسطينيين أو مجرد استنكار الأحداث الواقعة، في حملة ترهيب كبيرة ضد الرأي العام المناصر للقضية الفلسطينية في لندن وباريس، ويلاحق قضائيا حتى من يرفع علم فلسطين في تظاهرة أو يبدي إعجابا بأي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يبرّر الهجوم على إسرائيل.تتزايد مظاهر الكراهية للإسلام والمسلمين في الغرب يوما بعد يوم، وكأن التاريخ عاد إلى القرن السادس الميلادي، أيام البعثة النبوية، عندما حارب كفار قريش رسول الله والذين آمنوا معه ونكّلوا بهم، وغدر بهم اليهود وتحالفوا مع الكفار في غزوة الخندق والأحزاب، وتآمرهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.إن كراهية الإسلام والمسلمين أصبحت سافرة وبلا أي حجاب، خاصة مع صعود الأحزاب القومية واليمينية المتطرفة، وتراجع التيارات الليبرالية في أوروبا بشكل عام، وأصبحنا نسمع كل يوم تقريبا عن هجمات ومضايقات وتشريعات جديدة مقيّدة لحركة المسلمين هناك.يقول المستشرق لورنس براون: (الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام وفي قدرته على الإقناع والإخضاع، وفي حيويته المتجدّدة على مر الزمان، فهو الصخرة الصلدة في وجه الاستعمار الأوروبي، وإذا اتحدّ المسلمون أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم كله، أما إذا بقوا متفرقين كانوا بلا قوة ولا تأثير).ويقوم الإعلام الغربي الذي يسيطر على جزء كبير منه اللوبي اليهودي، بدور كبير في تشويه صورة المسلمين الأبرياء في كل مكان، ومحاولة إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين. وإن من أهم الأسباب التي تدعوهم لكراهية الإسلام والمسلمين ما يلاحظونه من: تمدّد الإسلام بنفسه واعتناق الناس له كل يوم عن قناعة وإيمان، ومن هؤلاء المعتنقين العلماء والمثقفون وغيرهم، وأعظم شاهد على ذلك ما يراه النصارى في عقر دارهم في بلاد الغرب والشرق من انتشار الإسلام وزيادة أعداد أتباعه.ومن الأسباب أيضا ألاعيب ومكر أعداء الإسلام، فإن أعداء الإسلام امتطوا صهوة جهل بعض المسلمين بمبادئ الدين الإسلامي الصحيح، ومن ثم جعلوها أدوات يمرّرون بها تحقيق أهدافهم، وهو تشويه وجه الإسلام. كما يبدو أن كراهية الإسلام تنتشر في الغرب بإيعاز من حكومات وأحزاب غربية يمينية متطرفة، ولا يستبعد أن تكون مرتبطة بإسرائيل أو مؤيدة لها.وفي العصر الحاضر، انتشر هذا العداء للإسلام وأصبح ظاهرة وحتى وسيلة للشهرة، لأنها حرية رأي (كما يدّعي الغرب)!، وهي في حقيقتها كراهية ممنهجة ضد الإسلام وأهله، ينتهجها الغرب للنيل منه، مستغلا الظروف التي يمرّ بها العالم الإسلامي حاليا، من تفرق وتشتت في الكلمة، وتخلف وضعف ملحوظ في مجالات التقدم الحضاري المختلفة.لقد انهارت، فيما يبدو، كل ثوابت الغرب وشعاراته المزعومة في المساواة والحرية الدينية، والتي شيّد على أساسها حضارته الوهمية التي لم تصمد أمام خوفه وكراهيته ورهابه غير المبرّر من الإسلام. ولو بحثت عن جواب لسؤال: لماذا يكرهون الإسلام؟ لما وجدت جوابا منطقيا أو مقبولا، بل هي أحقاد موروثة، بالإضافة لمصالح مادية ونفعية يخشى عليها مع انتشار الإسلام الذي يأمر بالعدل ويأبى الظلم والقهر.لقد قام الغرب بالتنظير لحالة العداء للإسلام والمسلمين؛ فقام فرانسيس فوكوياما بنشر كتابه (نهاية التاريخ)، يقول فيه: “إن الرأسمالية الحالية المسيطرة على العالم هي أفضل وأكمل نموذج لحياة البشر، وهي المحطة النهائية في مسيرة التاريخ؛ لذا يجب التخلص من أصحاب الأفكار والنظريات الأخرى كالإسلام”. ومن بعده، نشر صمويل هنتنغتون كتابه (صدام الحضارات)، يذكر فيه أن الأصل في التعامل بين البشر هو الصراع والصدام، وذلك رغم أن الله تعالى بيّن لنا في القرآن أن الأصل في التعامل مع الآخرين هو التعارف: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}.كما يبيّن المفكر الفرنسي جون كريستوف روفان في كتابه (الإمبراطورية الرومانية والبرابرة الجدد)، أن الإمبراطورية الرومانية الحديثة هي الحضارة الغربية، والبرابرة الجدد هم كل الدول التي تعيش جنوب تلك الحضارة. والخطير في هذا الكتاب أنه يدعو ساسة الغرب إلى القضاء على هؤلاء البرابرة عن طريق ترك الأمراض الفتاكة كالإيدز، تعيث في تلك البلاد مع منع العلاج والدواء عنهم؛ وذلك حتى لا يُنفق الغرب أموالا في هذه الحرب، ويتم القضاء على المسلمين وغيرهم في الجنوب بدون كلفة اقتصادية.إن سياسة الغرب وأمريكا مخططة على أساس أن الحروب الصليبية لا تزال مستمرة بين الإسلام والغرب، وما الحرب على أفغانستان والعراق والحرب على ما يسمى بالإرهاب، ومحاولة إبادة وتهجير الشعب الفلسطيني إلا صور منظورة من الحرب على الإسلام غير الخطط غير المنظورة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات