هذه أسلحة "الفاف" لكسب معركتها مع بلماضي

+ -

أنهى جمال بلماضي الجدل القائم بشأن موقفه من قرار الفاف فك الارتباط بينهما، واعتبار تخلفه عن الموعد الثاني للتفاوض حول طلاق بالتراضي بمثابة استقالة، برد رسمي من جانبه على مراسلة الاتحادية، يطلب منها تسديد كل رواتبه المقررة في الملحق الثاني للعقد الأخير، وذلك في أجل لا يتعدى 8 أيام من تاريخ الإشعار، وإلا سيلجأ إلى الفيفا.

بين العقد المعنوي والعقد المالي، فضل المدرب "الوطني" العقد الثاني الذي يدرّ 7 ملايين و280 ألف أورو، وهي قيمة مالية تعادل ما تبقى من رواتب شهرية، وعددها 35 راتبا شهريا، في عقده الذي أمضاه مع الرئيس السابق للاتحادية جهيد عبد الوهاب زفيزف، وينتهي في 31 ديسمبر 2026، دون تحديد الأهداف أو تمكين الفاف من فك الارتباط دون تعويض في حال عدم تحقيقها.

وبعد أيام من تلقيه مراسلة رسمية من الفاف تعلن فيها فك الارتباط بسبب رفضه التفاوض على طلاق بالتراضي، واعتبار ذلك استقالة، جاء موقف جمال بلماضي لينهي الجدل القائم، باختياره الحصول على 7 ملايين و280 ألف أورو، باعتبار أن راتب الرجل يبلغ 208 ألف أورو شهريا، وله الحق، حسب العقد الخالي من الأهداف، في الحصول على منحة قدرها 300 ألف أورو في حال التأهل فقط للمونديال المقبل، دون أن يكون للاتحادية أي حق في فسخ عقده وعدم تعويضه لو أخفق في بلوغ المونديال أو أدوار متقدمة في نهائيات كأس أمم إفريقيا.

وطلب بلماضي رسميا من الفاف كل أمواله، بما يؤكد رفضه القاطع فك الارتباط بالتراضي، بل إن مراسلة الرجل حملت تهديدا صريحا للفاف برفع شكوى ضدها إلى الفيفا في حال عدم الاستجابة إلى مطلبه، وفي تقدير جمال بلماضي أن العقد الذي أمضاه لم يكن مع الشعب، ولا معنويا، ولا حتى مع الجزائر، إنما هو في نهاية الأمر عقد مادي أمضاه بهوية مدرب فرنسي مع الاتحادية الجزائرية، وهي حقيقة ستدعم موقف بلماضي حتما مع الفيفا التي ستعتبر أن على الاتحادية الجزائرية لكرة القدم أن تسدد كل الرواتب الشهرية لمدرب منتخبها السابق، الفرنسي جمال بلماضي، وليس الجزائري.

ولطالما نجح جمال "الوطني" في إخفاء موقفه الحقيقي من تعاقده مع الجزائر، بفعل إتقانه اللعب على العاطفة ووتر الوطنية الحساس لكسب التأييد وحشد دعم الجميع، تقريبا، حتى يتم التغاضي عن إخفاقاته التي كلفت خزينة الفاف كل شهر 5 ملايير سنتيم، بل أكثر باحتساب كل المزايا.

وبإحداث وليد صادي القطيعة معه نهائيا مع صدمة الإخفاق الثالث، وحرص رئيس الفاف الجديد على "تأميم" المنتخب الوطني ومركز سيدي موسى وكل الاتحادية، ونجاحه في تخليص الهيئة الكروية من هيمنة "قوى الشر"، وإعادة سلطة القرار إلى داخل أسوار الاتحادية بعد حالة من الفوضى والهوان دامت 7 سنوات كاملة، سقط القناع عن جمال بلماضي الذي جعل من نفسه مدربا جزائريا حين كان على وفاق مع الفاف، وحصوله على رواتبه الضخمة بانتظام، وبقائه في منصبه دون أن يكون لأحد سلطة عليه، وحوّل نفسه بين عشية وضحاها إلى مدرب فرنسي في خلاف مع الاتحادية، حين تم الإعلان رسميا عن عهد الاستنزاف بعقوده الأصلية والإضافية. واختار الرجل قيادة الجزائر إلى ضربات جزاء ترجيحية تعود سلطة التقدير فيها للفيفا وبعدها حتما للتاس.

بداية المعركة القضائية بصفة رسمية بين الاتحادية الجزائرية وبين المدرب الفرنسي، من منظور الفيفا قياسا بالهوية التي أمضى بها بلماضي على عقده مع الفاف، ستستغرق وقتا طويلا قد يصل السنة، سيرتكز فيها بلماضي على بنود عقد يحميه منحَه إياه زفيزف دون حماية للطرف الجزائري، حتى يحصل على 7 ملايين و280 ألف أورو في حال عدم تعاقده مع أي ناد أو منتخب، وبنفس الراتب الشهري، بينما سترتكز الفاف في دفاعاتها على مستوى الفيفا والتاس على تصنيف عقد بلماضي مع زفيزف على أنه "عقد إذعان" يحمي طرفا دون الآخر، في مسعى من الاتحادية لإبطاله.

وتملك الفاف أسلحة قانونية أخرى تنص عليها قوانين الفيفا من أجل كسب القضية، أبرزها قانون وضعية وتحويل اللاعبين المتعلق بالفيفا، والصادر في أكتوبر 2022، إذ نجد في الملحق الثاني من القانون أن المادة الرابعة في بندها الثاني تمنح صراحة الحق لأحد طرفي النزاع في فسخ العقد من جانب واحد، واعتبار ذلك "سببا مقنعا"، إذا تعلق الأمر بتسجيل تصرف متعسف من طرف لدفع الطرف الآخر إلى فسخ العقد أو تغيير أحد بنوده.

وبالنظر إلى "هروب" بلماضي وعدم تفاوضه مع الفاف على فك الارتباط بالتراضي، رغم أن ذلك منصوص عليه في العقد، وعدم تقديمه تقارير دورية عن عمله للاتحادية، وتعمده التهجم على الحكام وإهانتهم، وتعريض علاقة الجزائر كرويا مع الهيئات للتوتر، ثم تماديه في مهاجمة الإعلام وعدم احترام عقود رعاية أبرمتها الفاف مع شركات عمومية، فإن ذلك كله وتجاوزات أخرى من المدرب الوطني السابق قد يتم اعتبارها وتكييفها من طرف الفيفا والتاس على أنها تدخل في إطار "التصرف المتعسف"، بمعنى الاستفزاز الذي يكون مبررا للفاف لفسخ عقد بلماضي من جانب واحد.

وفي انتظار مراحل المعركة القانونية، يقترب وليد صادي من التعاقد مع مدرب جديد للمنتخب، وهو يفاضل بين البرتغالي جوزي بيسيرو، المدرب السابق لمنتخب نيجيريا، ومواطنه المدرب كارلوس كيروش المتألق مع منتخبي إيران ومصر.

ويحتفظ صادي في قائمة الحلول البديلة باسمي المدربين البوسنيين: فلاديمير بيتكوفيتش الذي أشرف على منتخب سويسرا، ووحيد حاليلوزيتش الذي قاد الجزائر إلى ثمن نهائي مونديال البرازيل في 2014، على أن يتم الإعلان رسميا عن خليفة جمال بلماضي يوم 21 فيفري المقبل في اجتماع المكتب الفدرالي.