حرب الجزائر وإسبانيا في كتابات سيرفانتيس ولخضر بن خلوف

38serv

+ -

احتضن متحف أحمد زبانة بحر الأسبوع ندوة حول "تحرير وهران في الأرشيف الوثائقي" بمناسبة ذكرى التحرير الثاني لوهران في 27 فيفري 1792، من تنظيم مركز البحث في الانتروبولوجيا الاجتماعية و الثقافية ووحدة البحث في الترجمة و المصطلحية، لعرض 8 محاضرات للتطرق لحرب 300 سنة بين الجزائر وإسبانيا.

مسرحية سيرفانتيس  حول حصار مرسى الكبير  سنة 1563

استعرض الباحث رضا أبي عياد ترجمته لثلاث مقالات لوالده الفقيد أحمد أبي عياد التي ترجمها من الاسبانية إلى الفرنسية حول " وهران و الجزائر في كتابات ميغال سيرفانتيس"، تطرق لمسرحيته "الاسباني الشجاع" التي تروي تفاصيل حصار حسن باشا مرفوقا بأمراء مملكة بني عباس ببجاية وكوكو بأعالي تيزي وزو والقبائل المجاورة سنة 1563، وهي المعركة التي سقط فيها الآلاف من الشهداء تحت أسوار حصن المرسى، كما تطرق إليها المؤرخ أحمد توفيق المدني في كتابه "حرب 300 سنة مع الاحتلال الإسباني" وكتاب آخرين من أمثال الفرنسي "لويس ران". استدل سيرفانتيس بتفاصيل سمعها من حاكم المرسى أحد أبناء ألكونت ألكوديت من قرطبة الذي قتله حسن باشا في معركة "مزغران" 1558 بمستغانم والتي خلدها شاعر قبيلة مغراوة سيدي لخضر بن خلوف. زار سيرفانتيس وهران في مهمة رسمية سنة 1581 بعد إطلاق سراحه من سجنه بالجزائر العاصمة. تتضمن المسرحية حسب المحاضر "يوميات جنود إسبان تحت الحصار وقصص حب وتسامح ديني وهو مفهوم لم يكن متداولا في تلك الفترة بسبب الحروب الصليبية، تكتسي الوثيقة أهمية تاريخية كبيرة وهي لحد اليوم لم يتم ترجمتها للعربية، تشير إلى أسماء أماكن بوهران كباب كناستيل والمرسى الكبير". يتعلق المقال الثاني بعنوان" الجزائر والبحر الأبيض المتوسط" يروي أحداث القراصنة في البحر في القرن 16 والاستيلاء على السفن الأجنبية، ثم يأتي المقال الثالث "سجون الجزائر" المستوحى من قصة "الأسير" التي نشرها سيرفانتيس ضمن قصص روايته العالمية "دون كيشوط دي لا مانشا".

قصيدة لخضر بن خلوف تؤرخ لمعركة "مزغران" سنة 1558

 تطرقت الباحثة كريمة بوراس من جامعة مستغانم في محاضرتها إلى "إشكالية ترجمة المصطلح الطوبونيمي في النصوص التاريخية والأدبية الاسبانية المتحدثة عن وهران ومحيطها الجغرافي أثناء الوجود الاسباني" من خلال اشتغالها على مخطوط قديم بإحدى المكتبات الاسبانية لكاتب اسباني مجهول حول حملات الاحتلال الاسباني وإشارته لعدة أماكن في الطريق من وهران نحو مستغانم وأسماء الكونت دالكوديت حاكم وهران الذي قتل في معركة "مزغران" سنة 1558 ضد جيوش حسن باشا. كشفت الباحثة عن ترجمتها لقصيدة "قصيدة مزغران معلومة" لسيد لخضر بن خلوف من العربية العامية إلى الإسبانية وشاركت بها في ملتقى علمي باسبانيا وهي تتضمن تفاصيل حول المعركة التي شارك فيها بن خلوف من قبيلة مغراوة وشاعر الرسول كجندي وروى فيها وقائع المعركة وحصيلة القتلى ومقتل "ألكلونت دالكوديت" ووقوع ابنه الدون مارتان أسيرا رفقة الآلاف من الأسرى. تروي المصادر التاريخية أن شقيقه "الدون ألونسو" عندما تولى حكم وهران سنة 1561 قام باقتدائه.

المغاطيس عملاء الاحتلال الإسباني

 من جهته، قدم حنيفي هلايلي من جامعة سيدي بلعباس محاضرة "أخبار الاحتلال الاسباني للمرسى الكبير ووهران وآليات الحضور العسكري في ضوء المجلة الإفريقية" بحيث تطرق للرمزية الكبيرة للاحتفال بذكرى تحرير وهران من الاحتلال الاسباني في 27 فيفري 1792 والقضاء على الوجود العسكري في كل المنطقة المغاربية (تونس والجزائر). أشار إلى دراسة تطرقت لوثائق منشورة بمكتبة مدريد تروي تفاصيل مشاريع الاحتلال الاسباني من 1506 لغاية 1547 ومقال أخر لفيرنان برودال حول حملات احتلال تونس الجزائر من 1492 إلى 1577 أي من سقوط غرناطة وملاحقة الموريسكيين. أكد بأن "الإسبان في احتلالهم الثاني لوهران غيروا إستراتيجيتهم بالانفتاح على سكان المناطق الداخلية لربط علاقات تجارية وثقافية وتفيد تقارير قادة عسكريين حول استعمال الجوسسة والتعامل مع بطون قبائل جزائرية كان قد أشار إليها الشرفي عبد القادر وما اسماهم بالمغاطيس الموالون للإسبان ومعروفين بوضع وشم على أيديهم لمعرفتهم ويتمثل عملهم في هطف النساء والأطفال وبيعهم للإسبان لتبديلهم مع الأسرى الإسبان لدى الجزائريين". أثار المحاضر لحرب الاستنزاف التي قادها الباي محمد بن عثمان الكبير واستعانته بالطلبة والزوايا ورجال الدين كحرب نفسية لترهيب العدو وتعبئة السكان للجهاد. تناول الباحث بافضل محمد بلخير من جامعة مستغانم "محاكم التفتيش الاسبانية بوهران" بإشراف من الكنسية والبابوية على غرار محاكم القرون الوسطى ذات طابع استثنائي لمحاربة الزندقة والدرة والسحر والبدع وهي التي حاكمت العالم غاليلي غاليليو صاحب دوران الأرض وروني كانط، عادت للظهور بعد سقوط الاندلس وغرناطة لمتابعة الموريسكيين لقمعهم وتنصيرهم بالقوة وتنعدم فيها ظروف المحاكمة العادلة والمتهم ليس له أي حق ولا يبلغ بالتهمة وليس له الحق في الدفاع وتصدر أحكام غريبة وقاسية ضد الكرامة الإنسانية وكان أول مسؤول على هذه المحاكم بوهران هو الكاردينال "خيمينيس" لفرض التنصير الإجباري وتغيير الهوية وحتى تغيير الأسماء. كما تناولت حليمة مولاي "حضور الطُلبة في ذهنية الوهرانيين" وضرورة الاهتمام بتمثلات حدث تحرير وهران في ذهنية السكان وممارساتهم الثقافية بغض النظر عن أسماء الزعماء والمعارك والجيوش، معرفة كيف عاش سكان وهران الحدث في كل الحقب التاريخية واستمرار تقديسهم للحدث والطلبة وطابعها الديني بامتياز في ظل الحروب الصليبية. كما أشارت إلى شيوخ الزوايا وعلماء الدين والنخبة الدينية خلال الاحتلال الاسباني  واعتبارهم كأولياء الله الصالحين وتوظيفهم لتعبئة السكان على غرار سيدي محمد بن عودة وعبد الرحمان الثعالبي وسيدي بومدين للدعوة للجهاد وحتى الاستعانة بالخرافات لشحذ همم السكان. تضمنت الندوة مداخلات حبيب زحماني فاطمة الزهراء وليلة كواكي وسطعلي سمير ومالكي سفيان.