38serv

+ -

 لا تخفى مظاهر الإسراف في الطعام على مائدات المسلمين خلال شهر رمضان المبارك، وتعدّ صفة الإسراف من الصفات المذمومة التي نهى الإسلام عنها، حيث قال الله تعالى في المسرفين: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} الأنعام:141.

أمر الله سبحانه وتعالى الإنسان أن يأكل بلا إسراف، قال تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}، وروى أحمد والبخاري والنسائي والحاكم وابن ماجه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: “كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة”، لذا من أسباب الهلاك الإسراف، قال تعالى: {ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين}، والإسراف هو مجاوزة الحد في الشيء والوقوع في الخطأ والغفلة.

ولا بد أن نشير إلى ضرورة التفرقة بين التبذير والإسراف، فالتبذير يعني صرف الأموال في غير حقها؛ إما في المعاصي، وإما في غير فائدة؛ لعبا وتساهلا بالأموال، أما الإسراف فهو الزيادة في الطعام والشراب واللباس، في غير حاجة، وبالطبع هذا ما يفعله الكثير خلال شهر رمضان المعظم. ومن المظاهر السلبية التي نشاهدها في رمضان الإسراف المشين في المأكل، حيث نشاهد أكواما من الأكل ترمى في المزابل، فعلى المسلم تقدير النعمة وشكرها.

وللإسراف مشاكل عديدة؛ منها مشاكل مادية تقع على كاهل الأسرة، ومشاكل صحية؛ حيث إن الإسراف في أكل ما لا حاجة للجسم له من الطعام يعود بالمشاكل الجسيمة على الجهاز الهضمي للإنسان. فعلى المسلم أن يتذكر النعم الّتي أغدقها الله عليه ويقابلها بالشكر، قال تعالى: {وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون}، بل إن تقدير النعم وشكر الله عز وجل عليها كمرتبة القائم الصابر، فقد روى الحافظ أبو عيسى الترمذي في جامعه قوله صلّى الله عليه وسلم: “الطاعم الشاكر كالصائم الصابر” لأن الأعمال تتنوع وتتفاوت بحسب تأثيرها، فهذا الذي قدر النعمة وشكر الله عز وجل عليها ولم يسرف فيها وتصدق ببعض ما عنده على الفقراء والمساكين، فتح باب القرب من الله عز وجل، لأن أقرب العباد إلى الله أحسنهم لعياله، فما أحوجنا ونحن في هذا الشهر الكريم أن نتذكر الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل والمحتاجين، متأسين بقدوتنا وحبيبنا سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم فيما روى البخاري في صحيحه: “كان أجود ما يكون في رمضان”.

فرمضان شهر التكافل والمواساة والتصالح والإحسان، وكل ذلك مظهر من مظاهر الشكر، والشكر يدفع البلاء ويمنح العقاب، قال تعالى: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما} والصدقة تطفئ غضب الرب كما ورد في الخبر: “صدقة السرِ تطفئ غضب الرب”، بل إن البر نناله إذا أنفقنا مما نحب، قال تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}.

وعلى المسلم أن يكرّس جهده وطاقته للطاعات والعبادات؛ كقراءة القرآن الكريم، والذكر، وقيام الليل، وغيرها من الطاعات والمنح المتاحة خلال شهر رمضان المعظم، وألا يشغل باله بشراء الكثير من الطعام وتحضير الأنواع المختلفة.