+ -

 قال الله عز وجل: {إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر} القدر:1-3، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غُفر له ما تقدم من ذنبه” أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أي قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه”. قال الإمام النووي رحمه الله: معنى إيمانا؛ تصديقا بأنه حق، مقتصد فضيلته، ومعنى احتسابا؛ أن يريد الله تعالى وحده، لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص، والمراد بالقيام صلاة التراويح، واتفق العلماء على استحبابها.

وليلة القدر ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة، وهي أفضل الليالي حتى من ليلة الجمعة، وقد بيّن الله سبحانه وتعالى أنها أفضل من ألف شهر، أي ما يقارب 83 عاما، وأن اغتنام ليلة القدر بالأعمال الصالحات خير من عمل ألف شهر، وهذا فضل عظيم، قال الإمام القرطبي: “بيّن فضلها وعظمها وفضيلة الزمان إنما تكون بكثرة ما يقع فيه من الفضائل، وفي تلك الليلة يقسم الخير الكثير الذي لا يوجد مثله في ألف شهر والله أعلم، وقال كثير من المفسرين: أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وقال أبو العالية: ليلة القدر خير من ألف شهر لا تكون في ليلة القدر”.

وندّب الله سبحانه وتعالى إحياءها، وهي ليلة تُرجَى إجابة الدعاء فيها، وإن هذا الدعاء من أعظم الأدعية وأجلّها ما رواه الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي وغيرهم عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عندما قالت له: يا رسول الله، أرأيتَ إن علمتُ ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني”، والمقصود أن هذا الدعاء العظيم هو من خير ما يدعو به الصائم في هذه الليلة.

فلا ينبغي الاستهانة بهذا الدعاء، لأن العفو والعافية لا يعدلهما شيء، فمن عفى الله تعالى عنه وعافاه سعد في الدنيا والآخرة، ولذلك فإن من أدعية الرسول صلّى الله عليه وسلم المأثورة التي كان يكثر منها: “اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي” رواه أبو داود. وقد جاءه عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقال له: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله عز وجل قال: “سل الله العافية، فمكث أياما ثم جاء، فقال: يا رسول الله: علمني شيئا أسأله الله تعالى، فقال: يا عباس يا عم رسول الله: سَلْ الله العافية في الدنيا والآخرة” رواه الترمذي وغيره وصححه.

ولا يقتصر إحياء ليلة القدر على الدعاء، فمن أهم ما ينبغي إحياؤها به الصلاة، وذلك لما في الصحيحين مرفوعا: “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدم من ذنبه”، وكذلك تلاوة القرآن وغيرها من أنواع القُربات، والله أعلم.

أفضل الأعمال في ليلة القدر